3 - قال الشيخ عبد الحميد بن باديس (ت 1359هـ‍.) :

"فهم قواعد العلم وتطبيقها حتى تحصل ملكة استعمالها، هذا هو المقصود من الدرس على الشيوخ، فأما توسيع دائرة الفهم والاطلاع فإنما يتوصل إليها الطالب بنفسه بمطالعته للكتب ومزاولته للتقرير والتحرير. ثم إن الدروس إنما تحصل فيها قواعد بعض العلوم، وتبقي فنون كثيرة من فنون العلم يصل إليها الطالب بمطالعته بنفسه وحده، أو مع بعض رفاقه، فلا ينتهي من مدة دراسته العلمية في الدروس إلا وقد اتسع نطاق معلوماته بفنون كثيرة. ونرى الطلاب اليوم في أكبر المعاهد - كالزيتونة - لا يخرج الطالب عن كتبه الدراسية إلى مطالعة شيء بنفسه مما يكسبه علماً أو خبرةً بالحياة، فيخرج الطالب بعد تحصيل الشهادة وهو غريب عن الحياة. فعلى الطلبة والمتولين أمر الطلبة أن يسيروا على خطة التحصيل الدرسي، والتحصيل النفسي ليقتصدوا في الوقت ويتسعوا في العلم، ويوسعوا نطاق التفكير" 1.

ثانياً: إرشاد المعلم في تعليمه:

1- عن ذلك يقول ابن خلدون:

"وقد شاهدنا كثيراً من المعلمين في هذا العهد الذي أدركنا يجهلون طرق التعليم وإفادته، ويُحْضِرون للمتعلم في أول تعليمه المسائل المقفلة من العلم، ويطالبونه بإحضار ذهنه في حلها، ويَخلِطون عليه بما يلقون له من غايات الفنون في مبادئها، وقبل أن يستعد لفهمها. فإن قبول العلم والاستعداد لفهمه تنشأ تدريجياً، ويكون المتعلم أول الأمر عاجزاً عن الفهم بالجملة إلا في الأقل، وعلى سبيل التقريب والإجمال والأمثال الحسية. ثم لا يزال الاستعداد فيه يتدرج قليلاً قليلاً بمخالفة مسائل ذلك الفن وتكرارها عليه، وإذا ألقيت عليه الغايات في البداءات وهو حينئذٍ عاجز عن الفهم والوعي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015