وقال رحمه الله: "ويلزم صاحب الحديث أن يعرف الصحابة الذين نقلوا الدين عن نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويُعنى بسيرهم وفضائلهم، ويعرف أحوال الناقلين عنهم وأخبارهم حتى يقف على معرفة العدول منهم من غير العدول، وهو أمر قريب كله على من اجتهد" 1.

وقال أيضاً:

"فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عُنِيَ بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن ونظر في أقاويل الفقهاء فجعلها عوناً له على اجتهاده ومفتاحاً لطرائق النظر، وتفسيراً لجمل السنن المحتمل للمعاني، ولم يقلد أحداً منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه والمعاين لرشده والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهدي صحابته رضي الله عنهم، ومن أعفى نفسه من النظر وأضرب عما ذكرنا وعارض السنن برأيه ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضلّ، ومن جهل ذلك كله أيضاً وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشر عمى وأضل سبيلاً" 2.

وقال الحافظ ابن رجب (ت 795هـ‍.) رحمه الله: "واعلم أن علم الحلال والحرام علم شريف ومنه ما تعلُّمه فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية. وقد نصّ العلماء على أن تعلّم - يعني فرض الكفاية - أفضل من نوافل الطاعات، منهم أحمد، وإسحاق بن راهويه. وكان أئمة السلف يتوقَّون الكلام فيه تورعاً، لأن المتكلم فيه مخبر عن الله بأمره ونهيه، ومبلّغ عنه شرعه ودينه. كان ابن سيرين إذا سُئل عن شيء من الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015