هذه تنبيهات أقدمها بين يدي هذا البحث تتمة للفائدة:
الأول: أن السلف - رحمهم الله - قد اهتموا بموضوع أدب الطلب وآداب الطالب وبرنامج التعلُّم والتعليم من وقت مبكر كما اهتموا بغيرها من الفنون والموضوعات، ويدل على ذلك أمران:
1 - تلك النصوص الكثيرة التي رُويت عنهم في توجيه الطلاب، وبيان المنهج والهدي الذي ينبغي أن يسلكه المعلم والمتعلم، وقد رُوي الكثير من هذه النصوص عن الصحابة والتابعين وأتباعهم 1.
2 - تلك المؤلفات في هذا الفن، التي ظهرت من وقت مبكر، ككتاب العلم 2 لأبي خيثمة زهير بن حرب المتوفى (234هـ.) ، وكتاب آداب المعلمين والمتعلمين 3 لمحمد بن سحنون المتوفى سنة (256هـ.) ، ثم تتابع التأليف في ذلك إلى أن جاء حافظا المشرق والمغرب، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، وأبو عمر يوسف بن عبد البر القرطبي - توفي كلاهما سنة (463هـ.) - ألف الأول كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، وألف الثاني كتاب جامع بيان العلم وفضله، وقد طُبعا مراراً، وهما من أجمع وأوسع وأشمل ما أُلف في موضوعهما.