اليوم الذين افتقدوا أول ما افتقدوا من هدي السلف: آداب الطلب، وأخلاق طالب العلم، ثم هدي وسمت العلماء في العلم والعمل فتزبّبوا قبل أن يتحصرموا، لأنهم لم يسلكوا طريق السلف في التدرج في طلب العلم وفق منهج علمي صحيح واضح، كما ابتلوا أيضاً بالعجلة والتسرع وقلة الفهم، فنتج عن ذلك سرعة الملل والضجر.
الثالث: أنني رأيت المصنفات في هذا الموضوع حديثاً، اقتصرتْ على الآداب العامة لطلب العلم، وخلت من ذكر برنامج عملي للطالب في أثناء تعلمه، هذا فيما وقفت عليه منها.
وقد سميته "من هدي السلف في طلب العلم" وذلك أن منهجهم وهديهم في ذلك أكبر وأوسع مما جمعت، وهذا بعضه، لأنني قصرتُ ما جمعت على ما رأيت الحاجة ماسّة إليه الآن لإخواني من طلبة العلم، وجعلته في ثلاثة فصول:
الأول: في أُسس هديهم ومنهجهم في طلب العلم.
والثاني: في العلم المراد تعلّمه.
والثالث: برنامج عملي لطالب العلم أثناء طلبه العلم.
وقدمت بين يدي تلك الفصول بتمهيد حول اهتمام السلف بآداب الطلب ووسائل تثبيت العلم والتثبّت فيه، وختمته بمُلحقين:
الأول: حول طريقة تعليم المتعلم وإرشاد المعلّم في تعليمه كما يراها ابن خلدون، وعبد القادر بن بدران، وابن باديس.
والثاني: أرجوزة في آداب التعلّم والتفقّه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله الصادق الآمين.
وكتبه: د. محمد بن مطر الزهراني
في تاسع ذي الحجة
من عام سبعة عشر بعد الأربعمائة وألف
بالمدينة النبوية حرسها الله