الأجزاء، واشتغل بالسماع برهة يسيرة من الدهر، أنه صاحب حديث على الإطلاق، ولمّا يجهد نفسه ويتعبها في طلابه، ولا لحقتْهُ مشقة الحفظ لصنوفه وأبوابه".
وقال: "وهم مع قلة كَتْبِهم له وعدم معرفتهم به، أعظم الناس كبراً وأشد الخلق تيهاً وعُجْباً، ولا يراعون لشيخ حرمة، ولا يوجبون لطالب ذمة، يخْرقون - يجهلون - بالراوين ويعنّفون على المتعلمين، خلاف ما يقتضيه العلم الذي سمعوه، وضد الواجب مما يلزمهم أن يفعلوه ... " اه. ملخصاً 1.
هذا كلام الخطيب البغدادي الذي عاش ما بين عامي 392هـ. و463هـ. في بعض محدثي أهل زمانه فماذا سيقول لو أدرك زماننا اليوم مطلع القرن الخامس عشر الهجري، كم من منتسب للعلم اليوم وليس من أهله ومتصدر للتدريس والفتوى وهو ليس من أهل ذلك الشأن، وكم من سالٍّ لسانه وقلمه ولمّا يحط علمه ببعض مسائل العلم فضلاً عن كثير منها، فادعى علم ما لم يعلم وإحسان ما لم يحسن، ورمى غيره بما هو أولى به منه، فإلى الله المشتكى وعند الله تجتمع الخصوم.
رابعاً: اقتران العلم بالعمل
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} 2.
وفي صحيح الإمام مسلم 3 عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:
"يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق