وبينما هو يتجول في أنحاء المعركة إذا به يجد البطل سعد مضرجًا بدمائه، تنزف جراحه بغزارة (وعلى آخر رمق).
فانحنى عليه وأخبره بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعثه خصيصًا تفقد حاله ومعرفة مصيره فأبلغه سعد (بصوت لا يكاد يسمع) بأنه لم يعد من أهل الدنيا للجراحة المميتة التي أصيب بها ثم لفظ أنفاسه الطاهرة.
والعظيم في الأمر أن آلام النزع لم تنس سعد بن الربيع الاهتمام برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتفكير فيما قد يتعرض له من مكروه.
فإنه (وهو في تلك اللحظات التي يودع فيها الدنيا) لم يفكر في زوجه ولا في أولاده وإن ظل فكره مشغولًا بمصير الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقد أنساه حبه العظيم لنبيه كل شيء (حتى نفسه) وظل حتى فارق الدنيا، وهو شديد الخوف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وشديد الحرص على أن لا يمس بسوء.
ولا أدل على ذلك من أنه قبل أن تصعد روحه إلى باريها، حمل محمد بن مسلمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسالة ملؤها المحبة والإخلاص والوفاء،