حَيثُ قَامَ شَاهُ عَبَّاس الصَّفَوِيّ بِالحَجِّ إِلى مَشهَدَ مُبتَدِءَاً بِنَفسِهِ سَيرًا عَلى الأَقدَامِ؛ لِيَصرِفَ النَّاسَ عَنْ الحَجِّ إِلى مَكَّةَ وَلِيَكُونَ قُدوَتَهُمْ, وَمِنْ ذَلِكَ الحِين أَصبَحَتْ مَشهَدُ مَدِينَةً مُقَدَّسَةً لَدَى الرَّافِضَةِ الإِيرَانِيِّينَ. وَفَتَحَ الصَّفَوِيُّونَ فِي عَهدِ الشَّاهِ عَبَّاسٍ بِلادَهُم لِلمُبَشِّرِينَ الغَربِيِّينَ حَتَّى سَمَحُوا لَهُمْ بِبِنَاءِ الكَنَائِسِ وَمَدِّ جُسُورٍ مِنَ التَّعَاونِ الاقتِصَادِيِّ وَالعَسكَرِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ "سَلِيمُ وَاكِيمُ" فِي كِتَابِهِ "إِيرَانُ فِي الحَضَارَةِ": وَإِثرَ ظُهُورِ البُرتُغَالِيِّينَ فِي المِنطَقَةِ بَدَأَتْ إِيرَانُ عَلاقَاتٍ تِجَارِيَّةً مَعَ إِنجِلتِرَا وَفَرَنسَا وَهُولندَا, وَمَهَّدَتَ هَذِهِ العَلاقَاتُ إِلى اتِّصَالاتٍ عَلى مُستَوىً دُبلُومَاسِيٍّ وَثَقَافِيٍّ وَدِينِيٍّ عِندَ اعتِلاءِ شَاهِ عَبَّاس الأَوَّلَ عَرشَ فَارِسَ عَامَ 1587 م , وَسُجِّلت تَغيِيراتٌ أَسَاسِيَّةٌ فِي البِلادِ وَفِي عَلاقَاتِهَا مَعَ الغَربِ, وَكَانَ مِن نَتَائِجِ التَّحَوُّلِ السِّيَاسِيِّ الذِي أَحدَثَهُ شَاهُ عَبَّاس أَنْ غَصَّ بَلاطُهُ بِالمُبَشِّرِينَ وَالقِسَسُ, فَضلاً عَنْ التُّجَّارِ وَالدُّبلومَاسِيِّينَ وَالصُّنَّاعِ وَالجُنودِ المُرتَزَقَةِ؛ فَبَنَى الغَربِيُّونَ الكَنَائِسَ فِي إِيرَانَ.
وَأَمَّا البَهَائِيُّونَ فَقَد خَرَجُوا عَلَى الدَّولَةِ العُثمَانِيَّةِ وَتَعَاوَنُوا مَعَ الاستِعمَارِ الإِنجلِيزِيّ, وَنَادُوا بِتَعطِيلِ الجِهَادِ بَل إِلغَائِهِ أَمَامَ زَحفِ الاستِعمَارِ الإِنجِليزِيّ, مِمَّا يَعنِي الاستِسلامَ وَالخُنَوعَ للاسِتعمَارِ, وَكَانُوا مُرتَبِطِينَ بِالمَحَافِلِ الصُّهيُونِيَّةِ؛ كَالمَاسُونِيَّةِ السِّريَّةِ وَالتِي يُدَارُ مِن خِلالِهَا التَّآمُرُ عَلى دِينِ الإِسلامِ وَدَولَتِهِ حَتَّى لا تَقُومَ لَهُ قَائِمَةٌ, وَيُدَبَّرُ لِقَادَةِ الإِسلامِ وَالجِهَادِ خُطَطُ الاغتِيَالاتِ وَالقَتلِ .. (?)