يَصطَحِبُ فِيهِ خَاصَّتَهُ مِنَ الحَاشِيَةِ وَالأُمَرَاءِ وَالقُضَاةِ وَالقَادَةِ ... وبِالفِعلِ وَثِقَ الخَلِيفَةُ بِوَزِيرِهِ الرَّافِضِيّ ... كَيفَ لا, وَهُوَ الذِي قَرَّبَهُ إِليهِ وَعَيَّنَهُ لَهُ وَزِيرَاً .. فَمَاذَا كَانَتْ نَتِيجَةُ هَذَا التَّقَارُبُ السُّنِّيُّ الرَّافِضِيّ الشَّهِير؟ النَّتِيجَةُ هِيَ مَا استَمرَأَ عَليِهِ الرَّافِضَةُ وَأَلِفُوهُ .. إِنَّهُ الغَدرُ وَالخِيَانَةُ, حَتَّى أَنَّ الخَلِيفَةَ لَمَّا قَدِمَ عَلى هُولاكُو لم يَكُنْ هُولاكُو عَازِمَاً عَلى قَتلِهِ بَل تَهَيَّبَ ذَلِكَ, وَلكِنَّ ابنَ العَلقَمِيّ وَالطُّوسِيّ شَجَّعَاهُ عَلى ذَلِكَ, وَنَصَحَاهُ بِقَتلِهِ وَقَتلِ مَنْ جَاءَ مَعَهُ حَتَّى تَمَّ لَهُم ذَلِكَ بِالفِعلِ .. ودَخَلَ التَّتَارُ إِلى بَغدَادَ فَأَوَقَعُوا فِيهَا مَذبَحَةً عَظِيمَةً فِي النُّفَوسِ, وَمِحرَقَةً هَائِلَةً فِي الكُتُبِ والمَكتَبَاتِ , فَلَم يَنجُ مِنْ ذَلِكَ إِلا أَهلُ الذِّمَّةِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ التَجَأَ إِلى بَيتِ ابنِ العَلقَمِيّ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الإِمَامُ الذَّّهَبِيّ: "وَفِي سَنَةِ 656 هـ , أَحَاطَ أَمرُ اللهِ بِبَغدَادَ فَأَصبَحَتْ خَاوِيَةً عَلى عُرُوشِهَا, وَبَقِيَتْ حَصِيدَاً كَأَنْ لَم تَغنَ بِالأَمسِ, فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِليهِ رَاجِعُونَ, نَازَلَهَا المَغُولُ فِي أَخلاطٍ مِنَ السُفَّلِ وَأَوبَاشٍ مِنَ المُنَافِقِينَ, وَكُلِّ مَنْ لم يُؤمِنْ بِالرَّبِّ, وَكَانَ ابنُ العَلقَمِيّ الوَزِيرُ وَاليًا عَلى المُسلِمِينَ وَكَانَ رَافِضِيًّا جَلِدًا فَلمَّا استَدَارُوا بِبَغدَادَ, وَخَارَتْ القُوَى وَجَفَّ الرِّيقُ, وانخَلَعَت الأَفئِدَةُ أَشَارَ الوَزِيرُ عَلى الخَلِيفَةِ المُستَعصِمِ بِاللهِ بِمُصَانَعَةِ العَدُوِّ, وَقَالَ دَعنِي أَخرُجْ إِليهِم فِي تَقرِيرِ الصُّلحِ, فَخَرَجَ وَاستَوثَقَ لِنَفسِهِ وَلِمَن أَرَادَ, وَجَاءَ إِلى الخَلِيفَةِ وَقَالَ إِنَّ المَلِكَ قَد رَغِبَ أَنْ يُزَوِّجَ ابنَتَهُ بِابنِكَ أَبِي بَكرٍ, وَيُبقِيَكَ فِي الخِلافَةِ كَمَا كَانَ الخُلَفَاءُ مَعَ السُّلجُوقِيَّةِ, وَيَرحَلَ عَنكَ فَأَجِبهُ إِلى ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ حَقنُ الدِّمَاءِ , وَأَرَى أَنْ تَخرُجَ إِليهِ" (?). فَخَرَجَ الخَلِيفَةُ فِي جَمعٍ مِنَ الأَعيَانِ إِلى السُّلطَانِ هُولاكُو, فَأَنزَلَهُ فِي خَيمَةٍ, ثُمَّ دَخَلَ الوَزِيرُ فَاستدعَى الأَكَابِرَ لِحُضُورِ العَقدِ, فَحَضَرُوا وَضُرِبَتْ أَعنَاقُهُمْ, وَصَارَ كَذَلِكَ يُخرِجُ طَائِفَةً بَعدَ طَائِفَةٍ فَيُقتَلُونَ, ثُمَّ صِيحَ فِي البَلَدِ, وَبُذِلَ السَّيفُ وَاستَمَرَّ القَتلُ والسَّبيُ وَالحَرِيقُ وَالنَّهبُ , وَقَامَتْ قِيَامَةُ بَغدَادَ فَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ بِضعَا وَثَلاثِينَ يَومًا, كُلَّ صَبَاحٍ يُدخَلُ فِرقَةٌ مِنَ التَّتَارِ فَيحصُدُونَ مَحِلَّةً حَتَّى جَرَت السُّيُولُ مِنَ الدِّمَاءِ, وَرُدِمَتْ فِجَاجُ المَدِينَةِ مِنَ القَتلَى, حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ رَاحَ تَحتَ السَّيفِ أَلفُ أَلفٍ وَثمَاَنمُاِئَةِ أَلفٍ ... وَالأَصَحُّ أَنَّهُم بَلَغُوا نَحوًا مِن ثَمَانِمَائَةِ أَلفٍ, وَهَذَا شَيءٌ لا يَكَادُ يَنضَبطُ فَإِنَّهُم قَتَلُوا فِي الطُّرُقِ وَالجَوامِعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015