وَمِن غرائِب وَعَجائِب وَقاحَتِهِم أنَّ عُلَمائَهُم يُسَطّرونَ الرِواياتِ عَنِ الحُسَين فِي ذَمّهِ لَهُم وَالدُّعاءِ عَلَيِهِم ََقَبلَ مَقَتلِه فَقَد جاءَ فِي كِتابِ [إعلامِ الوَرى] لِلطَبرُسِيّ دُعاءُ الحُسَين على شِيعَتِهِ قَبلَ استِشهادِهِ: "الّلهُمَّ إن مَتَعتَهُم فَفَرِقهُم فِرَقا، واجعَلهُم طرائِقَ قِدَدَا وَلا تُرضي الوُلاةَ عَنهُم أبَدا، فإِنَهُم دَعَونا لِيَنصُرونا ثُمَّ عَدَوا عَلَينا فَقَتَلونا" (?).
وإنَّنا هُنا نَقِفُ وَقفَةَ المُتَفَكِر وَنَتَأمَّل لِهذِهِ الخِياناتِ لِلأَهلِ البَيّت تَأَمُّلَ المُعتَبِر فإِذا كانَ هذا حاُلُهُم مَعَ مَن يدَّعُونَ مَحَبَتِهِم بَل وَالمُبالَغَةَ وَالغُلوَّ فِي مَحَبَتِهِم فَكَيفَ يَكُونُ حَاَلَهُم مَعَ غَيرِهِم وَلإِن طالَت مُحِبيهِم خِياناتَهُم فَمِن بابِ أولى أن تَطالَ غَيرَهُم مِنَ المُسلِمينَ على ما نَراهُ اليَومَ مِن مُسارَعَتِهِم إلى الكُفَّارِ وَمُوالاتِهِم وَمُخاذَنَتِهِم.
ومِن أهَمّ الخِياناتِ الَّتي تَمَّت في عَصرِ بَني أُمَيُّة ما ذُكِرَ في وَفَياتِ الأَعيان أَنَّهُم ساهَموا فِي خُروجِ بَني العَبَّاسِ على الخِلافَةِ الأُمَوِيَّة، وإِسقاطِها بِسُقوطِ خُراسَان على يَدِ "أبي مُسلِمٍ الخُراسانِيّ" (?). والَّذي أَخَذ يَدعوا بِبَيعةِ إبراهيمَ بنِ مُحَمَّد فَلما عَلِمَ نَصرُ إبنَ سِيّاط نائِبُ مَروانَ بنَ مُحَمَّد آخِر خلفاء بَنِي أُمَيَّة بِخُراسان كَتَبَ إلى مَروان يُعلِمَه بِأمرِ البَيعَةِ فَكََتَبَ مَروانُ إلى نائِبِهِ بِدِمَشق بِإِحضارِ إِبراهيم مُوثَقاً فَأَحضَرَهُ وقامَ بِحَبسِهِ وَلمّا تَحَقَقَ أَنَّ مَروانَ لابُدَّ قاتِلَه أوصى إلى أخيه السَّفّاح وَهُوَ أوَّلُ مَن وُلِيَّ الخِلافَةِ مِن أَولاد العَبّاس وَبَقِيَ إبراهيمُ بِالحَبِسِ شَهريّنِ حتى مات وَقِيلَ قُتِل.
قال الذهبي عن الدولة العباسية وما فعلوه من جرائم فاقت ما حصل في عهد بين أمية بكثير:" قُلْتُ: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم، وَلَكِنْ -وَاللهِ- سَاءنَا مَا جَرَى؛ لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ، وَالسَّبْيِ، وَالنَّهْبِ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَالدَّولَةُ الظَّالِمَةُ مَعَ الأَمنِ