وجملة الأمر: أنك تنحو بالإنكار نحو الفعل (?) سواء أكان بمعنى أنه لا يكون، أو يكون، أو كان بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون.

والأول: هو التكذيبي، والثاني هو التوبيخي - كما عرفا فيما بعد - وأن بدأت بالاسم، فقلت: أأنت تمنعني؟ أأنت تأخذ على يدي؟ كنت قد وجهت الإنكار إلى نفس الضمير، وأبيت أن يكون بموضع أن يجيء منه الفعل وأن يكون بتلك المثابة، وصرت كأنك قولت: أن غيرك كالذي يستطيع منعي والأخر على يدي، ولست بذاك، ولقد وضعت نفسك في غير موضعك.

وقد تجعله لا يجيء منه الفعل، لأن نفسه تاباه، ولا ترتضيه، كأن تقول أهو يسأل فلاناً؟ هو أرفع همة من ذلك، أهو يمنع الناس حقوقهم؟ هو أكرم من ذاك.

وقد تجعله لا يفعله لصغر قدره، وقصر همته، وأن نفسه نفس لا تسمو، كقولك: أهو يرتاح للجميل؟ هو أقصر همه من ذلك، وأقل رغبة في الخير مما تظن (?).

ويبين عبد القاهر: أن تفسير الاستفهام بالإنكار في مثل هذا، فيه بعض التجوز، أما الذي هو محض المعنى وحقيقته، فهو إنما يراد بالاستفهام تنبيه السامع، حتى يرجع إلى نفسه لتخجل ويرتدع ويعيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015