وخامسها: (بلغني أنك تقدم رجلا ًوتؤخر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت والسلام).

قال الجاحظ: في البيان والتبيين: لما بايع الناس يزيد بن الوليد وأتاه الخبر عن مروان بن محمد ببعض التلكو والتحبس، كتب: بسم الله الرحمن الرحيم): من عبد الله أميراً المؤمنين يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد، أما بعد: فإني أراك تقدم رجلا ًوتؤخر أخرى، وهو مثل يضرب لمن يتردد في أمره.

ولو أقتصر الأمر على إيراده أمثله للتمثيل مطلقاً، سواء أكان تشبيهاً تمثيلياً أو استعارة تمثيلية - على حد تعبير المتأخرين - لكان في أماكننا أن نجد مبرراً لهذا، بأن نقول: أنه باب التوسع في إيراد الأنماط البلاغية المتقاربة في المفهوم، ولكن عبد القاهر نفسه يؤكد لك رأيه في أنها جميعها من التشبيه محذوف الوجه والأداة بقوله: "وذكر أبوه أحمد العسكري أن هذا النحو من الكلام يسمى المماثلة وهذه التسمية توهم أنه شيء غير المراد بالمثل والتميل، وليس الأمر كذلك كيف؟ وأنت تقول: "مثلك مثل من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى"؟ ووازن هذا: أنك تقول: "زيد الأسط" فيكون تشبيهاً على الحقيقة وإن كنت لم تصرح بحرف التشبيه، ومثله: أنك تقول: أنت ترقم في الماء، وتضرب في حديد بارد، وتنفخ في غير فحم، فلا تذكر ما يدل صريحاً على أنك تشبه، لكنك تعلم أن المعنى على قول: أنت كمن يرقم في الماء، وكمن يضرب في حديد بارد، وكمن ينفخ في غير فحم وما أشبه ذلك مما تجيء فيه بمشبه به ظاهر تقع هذه الأفعال في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015