وأن الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ولغ» أنه جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير طريق الإمام مالك عليه رحمة الله، فقد أخرج ابن المنذر من حديث عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب» ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد قد تابع الإمام مالك عليه رحمة الله هنا.
وكذلك قد أخرجه أيضاً شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب» مما يدل على أن الإمام مالك عليه رحمة الله لم يتفرد بطريقه بهذه اللفظة.
وكذلك قد أخرج من غير طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة جاء عند ابن خزيمة وكذلك ابن المنذر من طريقين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم» فجاء بلفظ شرب.
والذي يظهر والله أعلم أن قوله في أول هذا الخبر «إذا شرب» جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى، وأنه جاء على سبيل التجوّز لكي يفهم السامع، وكذلك لكي يتبادر إلى الذهن من أن المراد هو: الشرب وليس المراد أن يمس لسان الكلب الموضع، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أراد بذلك الخبر كما ذكرنا الولوغ.
والولوغ لا يكون إلا بالسائل وأن الكلب إذا مس لسانه شئ من الجامدات ونحو ذلك أنه لا يغسل سبعاً ولا بالتراب، وإنما يُزال ذلك الموضع إن كان ذلك من الجامدات من سمن جامد ونحو ذلك، يزال ما مسه الكلب من لسانه ولا يقال بأنه يغسل سبعا ونحو ذلك، ثم يستعمل ذلك الشيء الذي مسه لسان الكلب.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ولغ الكلب» :
والكلب هنا: هو دابة من السباع معروفة، وهذا الحكم خاص بالكلاب ولا يشمل سائر السباع عند عامة أهل العلم.