- وذهب الحنابلة وقول الظاهرية على أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا هو للتحريم، وعللوا ذلك بعللًٍ كثيرة؛ قالوا: أن الأصل من نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - هو التحريم، ولا يصرف ذلك إلا لعلّة ظاهرة أو لقرينة ظاهرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من عمل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(والماء الدائم) : هو الباقي الماكث الساكن الذي لا يجري، لا يتحرك إلا بفعل فاعل من آدمي أو حيوان ونحو ذلك.
والعلة في ذلك؛ من النهي عن الاغتسال في الماء الدائم سواء من غسل جنابة ونحو ذلك، قالوا أن الماء الدائم يغلب عليه أن النجاسة تبقى فيه، وأن الجاري يتطهر بجريانه وكذلك بمكاثرة الماء فيه، ولذلك قال الشاعر:
إني رأيت وقوف الماء يفسده………إن سال طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
وهذا معلوم؛ فإن الماء إذا كان ساكناً فإنه كلما أتته النجاسة وطرأت عليه فإنه ينجس في الغالب اذا كان قليلا، أما الذي يجري فإنه يلتقي بغيره وكذلك فإن النجاسة تزول عنه بجريانه في الأرض.
واختلف أهل العلم إذا اغتسل الجنب في الماء الدائم، ما حكم ذلك الماء؟
على اختلاف عندهم في القدر الذي يكون به الماء قليلا فلا يدفع النجاسة وهذا الخلاف في الماء القليل وأما الكثير عندهم فلا يكون مستعملا كالنهر والبحر والغدير ونحوه مما يخرج عن حد القلة بإجماعهم لكنهم اختلفوا في حد القليل وعليه يبنى خلافهم في نجاسه المستعمل من الماء فقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال؛ وهن روايات عن الإمام أحمد عليه رحمة الله إلا إحدى الروايات فهي تعدّ غريبة.
القول الأول: قالوا أنه باقٍ على طهارته إلا أن ليس بمطهّر، وقالوا أنه يشرب ويطبخ به إلا أنه لا يزال به الحدث من وضوء وغسل جنابة وهو المشهور عن احمد وقول الشافعيه.