- وثمة قول رابع في مقدار القلة: أنها تسع فرقين، وهذا مروي عن يحيى بن عقيل كما أخرج ذلك الدارقطني في سننه عليه رحمة الله من حديث ابن جريج عن محمد بن يحيى عن يحيى بن عقيل قال: رأيت قلال هَجَر، فرأيت القُلّة تسع فرقين.
- وروي في ذلك قول خامس أيضاً قالوا: أن القلة ليس لها قدرٌ معين معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مروي عن عبد الرحمن بن مهدي، ومرويٌ أيضاً عن وكيع ويحيى بن آدم وجماعة من أهل العلم، وكذلك هو مروي عن أبي عبيد عليهم رحمة الله.
فالقول الحق في ذلك بإذن الله تعالى، أن القلتين ليس لها قدر معين عند أهل العلم؛ ولكن المراد بالقلّة هي قلال هَجَر، كما حكى ذلك بعض أهل العلم، فقلال هجر معروفة عند العرب، واشتهرت حتى وصلت شهرتها المدينة، بل جاءت على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - في خبر صحيح، كما في قصة الإسراء والمعراج عنه - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الصحيح من حديث قتادة عن أنس عن مالك بن صعصة - رضي الله عنه - في خبر طويل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فرأيت نبقها كأنه قلال هَجَر» ، وهذا يدل على أن قلال هجر معروفة عند العرب ومعروفة على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أقرب ما تكون من إرادة النبي - صلى الله عليه وسلم - لها.
والقلة كما ذكرنا أنها تنصرف عند التحقيق لمن تأمل أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قلال هجر، وإذا عُلم أيضاً أن قلال هجر ليس لها قدر معين؛ عُلم أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخبر أنه غلبة الضن وليس القطع.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» :
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن صحّ: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» ، له دلالة منطوق ودلالة مفهوم.