وهذا الخبر مهما يكن من الكلام على طرقه فقد صححه جماعة وضعفه آخرون، ومنهم من قال أن إعلاله بالاضطراب سواءً في متنه أو إسناده أنه ليس بمضعّفٍ له، وإنما اضطراب المتن يدل على ضعف تلك الأوجه، أما أصل الحديث فإنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما اضطراب السند فقد أجاب عنه بعض أهل العلم بأجوبة، ومنهم من رجّح الوجهين، وقال أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذين الوجهين، كما هو قول الإمام الدارقطني وقول البيهقي وقول الزيلعي عليهم رحمة الله وقد توسع ابن القيم في تضعيف هذا الخبر ورده على من قواه بكلام نفيس متين قوي.
(والقُلَّة) هي: بضم القاف مأخوذة من الارتفاع، يقال: قلة الجبل أي أعلاه، واختلف أهل العلم في مقدار القلة في خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقدر الذي تعرف به القُلّة على أقوال:
- فقد روي أن المراد بالقلة أنها قربتين وجاء ذلك في كتاب الأم للشافعي، فقد أخرج عليه رحمة الله في كتابه الأم وكذا في مسنده فقال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال: قلال هَجَر قربتين أو قربتين وشيئاً.
- وهناك قول آخر وهو القول الثاني في قدر القلّة، وهو مروي عن الإمام الشافعي والإمام أحمد وكذا مروي عن أبي ثور عليهم رحمة الله، وقالوا: أن القُلّة تَسع قربتين ونصفا، واستدلوا بما روي عن ابن جريج السابق، وقالوا أن قول ابن جريج أن القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئاً، قوله (شيئاً) هنا: أكثر ما يطلق عليه لفظ الشيء هو الشطر وهو النصف، قالوا فيقال بالاحتياط أن القلة تسع قربتين ونصفاً، وهذا كما ذكرنا مروي عن الإمام الشافعي وأحمد وأبي ثور.
- وثمة قول ثالث: قالوا بأن القلة هي تسع ستة قرب، وهذا مروي عن إسحاق بن راهويه عليه رحمة الله.