ومعلوم أن من تيمم في حال وجود الماء وهو مستطيع قادر على استعماله فإنه حينئذٍ تعتبر طهارته باطلة وتعتبر الصلاة باطلة بالاجماع، إلا لعذر يحمله على التيمم من مرض وبرد ونحو ذلك، أما إذا كان ليس بمعذور فإنه حينئذً يعد تيممه باطلاً وطهارته باطلة وعليه أن يتوضأ بالماء، فلما عدل عبد الله بن عمر إلى التيمم وترك التطهر بماء البحر، عُلم أنه لا يرى طهورية ماء البحر، إلا أن ذلك لا يقابل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، كما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي من حديث هشام عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: (ماء البحر لا يجزئ من وضوء ولا جنابة، إن تحت البحر نارا ثم ماءٌ ثم نار) ، وهذا عن عبد الله بن عمرو كما هو عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، فإنهما لا يريان الإجزاء بماء البحر، وهذا لا يقابل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روي ذلك عن أبي هريرة في مصنف ابن أبي شيبة ولا يصح، وعن أبي العالية الرياحي وهو رفيع بن مهران، كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة من حديث أبي جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أنه ركب البحر فنفذ ماؤه، فتوضأ بنبيذ وكره أن يتوضأ بماء البحر، وهو من كبار التابعين عليه رحمة الله، هذا لا يثبت لحال إسناده.

إذاً فماء البحر طهور والخلاف فيه غير معتبر، وقد حكى إجماع أهل العلم على طهورية ماء البحر جماعة من أهل العلم، منهم الحافظ ابن عبد البر عليه رحمة الله وغيره.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحل ميتته» :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015