أما في حالة غلبة الظن بالهلاك كالموج ونحوه فإنه يحرم، ولذا قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الأخبار التي هي ضعيفة، منها ما أخرجها سعيد وعن سعيد أبو داود والبيهقي من حديث مطرف بن طريف عن بشر أبي عبد الله عن بشير بن مسلم عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يركبن رجل بحراً إلا غازياً أو معتمراً أو حاجاً، وإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً» ، وهذا الخبر قد ضعفه بعض أهل العلم فهو مضطرب وضعيف سندا منكر متنا، وضعفه الإمام البخاري عليه رحمة الله كما في تاريخه وقال ابن عبد البر: مظلم الاسناد، وما روي من نهي من بعض السلف عن ركوب البحر يحمل على حالة الظن بالهلكة من اشتداد الموج واشتداد الريح ونحو ذلك، فإنه ينهى عن ذلك ويكون محرماً، ولذا توقف الشافعي في إيجاب الحج على من وراء البحر فقد قال رحمه الله: ما يبين لي أن أوجب الحج علي من وراء البحر ولا أدري كيف استطاعته، وقد روي ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كما أخرجه عبد الرازق في مصنفه من حديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: (كان عمر يكره أن يحمل المسلمين غزاة في البحر) وهو صحيح عن عمر وإن لم يسمع ابن المسيب من عمر فهو محمول على الاتصال وقد صحح حديثه عن عمر عامة الحفاظ المتقدمين، ولا أعلم في ذلك مخالفاً سوى الترمذي في بعض المواطن يصححه وبعضها يعله وممن نص على تصحيحه الامام أحمد وابو حاتم وابن المديني وغيرهم، وهذا الأثر يحمل في حال شدة الموج وكذلك شدة الريح وغلبة الظن بالهلكة فإنه حينئذ يكره ذلك بل يكون محرماً، وقد رخص عمر في غير تلك الحاله كما رواه البيهقي عن نافع عن بن عمر أن تميم الداري سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ركوب البحر وكان عظيم التجارة في البحر فأمره بتقصير الصلاة. ومن ذلك أيضاً ما روي عن عبد الله بن عمر كما أخرجه عبد الرازق من حديث ليث عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015