فعلى هذا يُعلم أن أمر المجهول يتفاوت بحسب ما ذكرناه فقد يكون الراوي عند الأئمة الحفاظ مجهولا على الرغم من رواية أكثر من واحد عنه، وقد يكون عندهم معروفا بل يكون ثقة وصحيح الحديث مع كونه لم يرو عنه إلا راو واحد فحسب، على هذا لا تكون مسألة المجهول ورفع الجهالة عنه متوقفة على عدد من روى عنه كما يذكره كثير من أهل الاصطلاح والأصول،.

وإعلال ابن القطان الفاسي وابن دقيق لحديث ماء البحر بجهالة راويه فيه نظر فابن القطان الفاسي ممن يتشدد جدا في هذا الباب ويعمل الاخذ بظاهر الاسانيد وهو قليل الاخذ بالقرائن كحال جمع من اهل العلم كابن حزم والخطيب وكثير من المتأخرين.

وطهورية ماء البحر هي مما لا خلاف فيها عند أهل العلم إلا قول يسير يروى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله هنا في ابتداء الخبر: (إنا نركب البحر) ، فيه دليل على إباحة ركوب البحر، وأن الأصل فيه الجواز والإباحة، وهذا الذي يدل عليه كتاب الله سبحانه وتعالى، فإن الله جل وعلا قد ذكر ركوب الفلك وركوب البحر في غير ما موضع من كتابه سبحانه وتعالى،قال الله تعالى: {هو الذي يسيركم في البر والبحر} ، والمسير هو: ركوب الدابة في البر، وكذلك السير على الأقدام، وكذلك المسير في البحر المراد به: ركوب الفلك والسفن، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015