من حديث النفس (صفحة 164)

طويلتان؟ هل لي ذيل؟ ... فقال: شنو؟ ما تفتهم (تفهم)؟ أمّا زمال صحيح. وانطلق بـ «منولوج» طويل فيه من ألوان الشتائم ما لا أعرفه وأنا أسمع مبتسماً.

ثم قال: تعال لمّا نشوف تلاميذ آخر زمان، وقف إحكِ شو تعرف عن البحتري، حتى تعرف إنك زمال ولاَّ لأ؟

فوقفت وتكلمت كلاماً هادئاً متسلسلاً، بلهجة حلوة ولغة فصيحة. وبحثت وحللت وسردت الشواهد وشرحتها، وقابلت بينه وبين أبي تمام ... وبالاختصار، ألقيت درساً يلقيه مثلي ... والطلاب ينظرون مشدوهين، ممتدة أعناقهم محبوسة أنفاسهم، والمدرس المسكين قد نزل عن كرسيه وانتصب أمامي وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما من الدهشة ولا يملك أن ينطق، ولا أنظر أنا إليه كأني لا أراه حتى قُرع الجرس.

قال: مَن أنت؟ ما اسمك؟

قلت: علي الطنطاوي.

وأدع للسامعين الكرام أن يتصوروا موقفه!

والبصرة بندقية العرب، فيها مع كل شارع قناة. فأنت إن شئت انتقلت بحراً وإن شئت سرت براً، وفيها شط العرب، لا يعدل جمالَه وأنت تخطر فيه العشيةَ بهذه الزوارق الحلوة مكانٌ في الدنيا. والبصرة كانت دارَ الأدب ومثابة الشعر ومنبع العربية، وتاريخها تاريخ البيان العربي. ولكن أيامي في البصرة كانت شقاء دائماً، وكانت إزعاجاً مستمراً. ولي فيها أحاديث مضحكات وأحاديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015