جمال الأدب العربي، وعظمة التراث الإسلامي، وقيمة التفكير الحديث، واتجاه النقد الجديد. وأعلّمهم الاستقلال الفكري، وأحفزهم إلى المناقشة، ولا أستغل في إقناعهم سلطة المدرّس لأن ذلك ضعف، ولكن أستعملُ قوةَ المُحقِّ ولَسْنَ الجَدِل النظّار (?). وأعترف لهم بالحق إذا ظهر على لسانهم، وأقر بأني لا أدري ما لا أكون أدريه ... وأبعث فيهم ملكاتهم المهمَلة، وأشجعهم على الإنتاج والنشر.
وكان زملاؤنا من المدرّسين يحذرونني عواقب هذه الطريقة لأن الطلاب (في رأيهم) لا يقدّرون قيمة الحرية واللطف ويحسبونها عجزاً وضعفاً ويتخذونها سبيلاً إلى الشغب، ولكني وجدتهم يقدرون قيمتها ويحترمون المدرس العادل العالِم اللطيف أكثر مما يحترمون المدرس الجبار العنيف، ووجدت هذه الطريقة قد أجدت جَدىً كبيراً، فأقبل الطلاب على الأدب وقد كانوا عنه منصرفين، وصار أحبَّ الدروس إليهم وقد كانوا يكرهونه، ونشأ فيهم كتّاب وشعراء ونقّاد يؤمل منهم بعث الحياة الأدبية في العراق في بضع سنين.
وضعت بين أيديهم رأسي وقلبي، فلما أثمرت الثمرة، ولما تحركت هذه العيون بالإخلاص وأقبلت هذه القلوب بالحب وتفتحت هذه الأفواه عن أجمل أحاديث العلم والأدب والود ... ولما مُحيت تلك الفروق كلها وزال التكلف بين المدرس