في غير الحرف من الاسم والفعل فقلما يوجد في الحرف، وإن وجد الحذف في الحرف في بعض المواضع فهو على خلاف القياس, فلا يجعل أصلا يقاس عليه.

وأما ما رووه عن العرب من قولهم في "سوف أفعل": "سو أفعل" و"سف أفعل" فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: إن هذه رواية تفرد بها بعض الكوفيين؛ فلا يكون فيها حجة.

والوجة الثاني: إن صحت الرواية عن العرب, فهو من الشاذ الذي لا يعبأ به لقلته.

والثالث: أن حذف الفاء والواو على خلاف القياس؛ فلا ينبغي أن يجمع بينهما في الحذف؛ لأن ذلك يؤدي إلى ما لا نظير له في كلامهم؛ فإنه ليس في كلامهم حرف حذف جميع حروفه طلبا للخفة على خلاف القياس, حتى لم يبق منه إلا حرف واحد, والمصير إلى ما لا نظير له في كلامهم مردود.

وأما قولهم: "إن السين تدل على الاستقبال كما أن "سوف" تدل على الاستقبال" قلنا: هذا باطل؛ لأنه لو كان الأمر كما زعمتم لكان ينبغي أن يستويا في الدلالة على الاستقبال على حد واحد، ولا شك أن "سوف" أشد تراخيا في الاستقبال من السين، فلما اختلفا في الدلالة دل على أن كل واحد منهما حرف مستقل بنفسه غير مأخوذ من صاحبه, والله أعلم"1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015