استعمالها في كلامهم وجريها على ألسنتهم، وهم أبدا يحذفون لكثرة الاستعمال كقولهم: "لا أدر، ولم أبل، ولم يك، وخذ, وكل" وأشباه ذلك، والأصل:

"لا أدري، ولم أبال، ولم يكن، واأخذ، واأكل" فحذفوا في هذه المواضع وما أشبهها لكثرة الاستعمال, فكذلك ههنا: لما كثر استعمال "سوف" في كلامهم حذفوا منها الواو والفاء تخفيفا.

والذي يدل على ذلك أنه قد صح عن العرب أنهم قالوا في "سوف أفعل": "سو أفعل" فحذفوا الفاء، ومنهم من قال: "سف أفعل" فحذف الواو, وإذا جاز أن يحذف الواو تارة والفاء أخرى لكثرة الاستعمال جاز أن يجمع بينهما في الحذف مع تطرق الحذف إليهما في اللغتين لكثرة الاستعمال. والذي يدل على ذلك أن السين تدل على ما تدل عليه سوف من الاستقبال، فلما شابهتها في اللفظ والمعنى دل على أنها مأخوذة منها, وفرع عليها.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأن الأصل في كل حرف يدل على معنى ألا يدخله الحذف وأن يكون أصلا في نفسه، والسين حرف يدل على معنى، فينبغي أن يكون أصلا في نفسه لا مأخوذا من غيره.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: إن "سوف" لما كثر استعمالها في كلامهم حذفوا الواو والفاء لكثرة الاستعمال قلنا: هذا فاسد؛ فإن الحذف لكثرة الاستعمال ليس بقياس ليجعل أصلا لمحل الخلاف، على أن الحذف ولو وجد كثيرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015