الفارابي بعد قوله المتقدم آنفا على صناعة هؤلاء الأعراب وصفاتهم فقال: "كانت صنائع هؤلاء التي بها يعيشون الرعاية والصيد واللصوصية، وكانوا أقواهم نفوسا وأقساهم قلوبا وأشدهم توحشا وأمنعهم جانبا وأشدهم حمية وأحبهم لأن يَغلبوا ولا يُغلبوا، وأعسرهم انقيادا للملوك, وأجفاهم أخلاقا وأقلهم احتمالا للضيم والذلة"1.
وتستطيع أن تجعل مرد الأمر كله -بعد ما تقدم لك- إلى الوثوق من سلامة لغة المحتج به وعدم تطرق الفساد إليها، وهذا هو الضابط في التصنيف الزماني والمكاني اللذين مرا بك، فأنت تعلم إسقاط العلماء الاحتجاج بشعر أمية بن أبي الصلت وعدي بن زيد العبادي2, وحتى الأعشى عند بعضهم؛ لمخالطتهم الأجانب وتأثر لغتهم بهذه المخالطة، حتى حمل شعرهم عددا غير قليل من ألفاظ ومصطلحات لا تعرفها العرب، وكل