وكأن هذا التصنيف حاز القبول وجرى عليه العمل وكان الخروج عليه مدعاة إلى النقد، ولما اعتمد ابن مالك على لغات لخم وجذام وغسان، تعقبه باللوم أبو حيان فقال في شرح التسهيل: "ليس ذلك من عادة أئمة هذا الشأن"1.
وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: "لا أقول: "قالت العرب" إلا ما سمعت من عالية السافلة وسافلة العالية" يريد ما بين نجد وجبال الحجاز حيث قبائل أسد وتميم وبعض قبائل قيس2, بل كان عثمان يقول: "لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش وثقيف"2.
وأما أحوال هؤلاء العرب المحتج بهم فخيرها ما كان أعمق في التبدي وألصق بعيشة البادية؛ ولذا كان مما يفخر به البصريون على الكوفيين أخذهم عن الأعراب أهل الشيح والقيصوم وحرشة الضباب وأكلة اليرابيع, ويقولون للكوفيين: "أخذتم عن أكلة الشواريز وباعة الكواميخ"3. وقد نص