والحق أن آخر هذا الكلام - الذي أراد الزمخشري وغيره من أهل التأويل الربط بينه وبين الآية الخامسة من سورة الأنعام - لا يستقيم مع أوله ولا يتمشى مع سياق الآيات، إذ أنّى لقوم أن يصدر عنهم مثل هذه الأقوال أن يجعلوا ممن (يخافون أن يحشروا إلى ربهم) ، أو يكونوا من المسلمين على ما أقر به الزمخشري، أو يرجى منهم على سبيل التحقيق ما ذكره سبحانه في قوله (لعلهم يتقون) .. اللهم إلا أن يكون السبب في نزولها هو ما اقترحه بعض الصحابة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعقيباً على ما صدر من أولئك المنكرين، نحو ما روي من "أن عمر رضي الله عنه قال: لو فعلت حتى تنظر إلى ما يصيرون، قال: فاكتب بذلك كتابا فدعا بصحيفة وبعليّ رضي الله عنه ليكتب فنزلت، فرمى بالصحيفة واعتذر عمر عن مقالته" (?) ... فهذا عندي افضل مما قاله الزمخشري ومما تكلف له أبو السعود الذي ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - "أمر بتوجيه الإنذار إلى من يتوقع من أهل الكفر التأثر في الجملة، وهم المجوزون منهم للحشر سواء كانوا جازمين بأصله كأهل الكتاب وبعض المشركين أو مترددين، أما المنكرون له فهم خارجون ممن أمر بإنذارهم ا. هـ" (?)
قال سلمان وخباب: فينا- أي آية الأنعام – نزلت، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقعد معنا ويدنو منا حتى تمس ركبتنا ركبته، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام فنزلت: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم.. الكهف/28) .