أورد الآلوسي في آية الفتح وتحديداً في قوله منها: (وتسبحوه) قراءة ابن مسعود وابن جبير: (وتسبحوا الله) ، كذا بالاسم الجليل مكان الضمير (?) ، وتلك – لعمري- قرينة كافية تدعو لعدم الالتفات لرأي القائلين بعود الضمائر الثلاث في (وتعزروه وتوقروه وتسبحوه) إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلى رأس هؤلاء الإمام البقاعي في نظم الدرر، ليكون المعنى على زعمه وزعمهم: (أرسلناه إليكم لتؤمنوا به وتعينوه على كل من ناوأه وتجتهدوا في حسن اتباعه وفي تبجيله وإجلاله، وتنزهوه عن كل وصمة من إخلاف الوعد بدخول مكة والطواف بالبيت الحرام ونحو ذلك (?) ، إذ في تأويل الأخير من هذه المعطوفات الثلاثة على هذا المعنى من التكلف ما لا يخفى.

على أن عود الضمير في الأولين منها أي في قوله جل شأنه: (وتعزروه وتوقروه) لأقرب مذكور أعني للرسول- صلى الله عليه وسلم - لقوله قبلها: (لتؤمنوا بالله ورسوله) .. مع كاف الخطاب العائد عليه أيضاً في قوله قبل: (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً.. الفتح/8) ، لمما يوهن هو الآخر- بضميمة ما تأكد لنا من عوده في (تسبحوه) إلى الله في القراءة سالفة الذكر- من شأن الميل إلى جعل الضمائر الثلاث لله سبحانه، وهو ما ترجح لدى الزمخشري والآلوسي والبيضاوي والطاهر (?) ومن لف لفهم وحجل بقيدهم، لكون المعنى حينذاك: أرسلناه إليكم لتنصروا الله وتوقروه وتعظموه وتنزهوه، إذ في تقدير الآية على هذا النحو من الإخلال بالمعنى وبعود الضمائر في (وتعزروه وتوقروه) ومن استعمال كلمة التعزير بالذات التي هي في معنى الإعانة والإمداد بأسباب القوة اللتين حاشاه سبحانه أن يتصف بهما لكونها مما لا يليق بجلال الله وعظمة سلطانه.. ما لا يخفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015