الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 1.
جَاءَ فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة: بِأَن الكظيم هُوَ الكئيب من الْهم، ويمسكه على هون: أَي يبْقى الْبِنْت مهانة لَا يُورثهَا وَلَا يعتني بهَا ويفضل أَوْلَاده الذُّكُور عَلَيْهَا2.
فشاء الله أَن يكون النَّبِي مُحَمَّد -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- أَبَا لبنات ليَكُون الْقدْوَة للْمُؤْمِنين فِيمَا يَنْبَغِي للْبِنْت من حُقُوق ومكانة لائقة أقرها لَهَا الدّين الإسلامي الحنيف.
فأبوة الرَّسُول –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- لبنَاته حَدثا جَدِيدا فِي حَيَاة الْمَرْأَة، وَفِي هَذَا قَالَ عمر بن الْخطاب – رَضِي الله عَنهُ –: "وَالله إِن كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَا نعد للنِّسَاء أمرا حَتَّى أنزل الله فِيهِنَّ مَا أنزل وَقسم لَهُنَّ مَا قسم" 3.
وَمِنْهَا أَيْضا -وَالله أعلم- (حَتَّى يكون النَّبِي –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بَعيدا عَن تُهْمَة الاستنصار بِالْوَلَدِ، والاعتماد عَلَيْهِ) 4 كَمَا هِيَ عَادَة الْعَرَب فِي ذَلِك الْوَقْت. بل أَن مَا جَاءَ بِهِ من دين نُشر فِي الأَرْض لِأَنَّهُ هُوَ الْحق وَلَا حق سواهُ، وَالْحق دَائِما أظهر وَأقوى.
وَقد كَانَ الْعَرَبِيّ فِي الْجَاهِلِيَّة يترقب الْأَوْلَاد للوقوف إِلَى جَانِبه ومساندته، والدفاع عَن الْحَوْزَة وحماية الْبَيْضَة، أما الْبِنْت فَكَانَ التخوف من عارها يحملهم على كراهتها5 حَتَّى بعث الله نَبينَا مُحَمَّد –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بِالدّينِ الإسلامي خَاتم الْأَدْيَان