وإذا ما هممت بالنطق بالبا ... طل فاجعل مكانه تسبيحاً
فاغتنام السكوت فضل من خو ... ض وان كنت بالكلام فصيحاً 1
وقال ابن المبارك في الزهد وذم الدنيا:
أرى أناساً بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا بالعيش بالدون
فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما ... استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
قد يفتح المرء حانوتاً لمتجره ... وقد فتحت لك الحانوت بالدين
بين الأساطين حانوت بلا غلق ... تبتاع بالدين أموال المساكين
صيرت دينك شاهيناً تصيد به ... وليس يُفْلُح أصحاب الشواهين 2
وقال أبو العباس السراج: أنشدني يعقوب بن محمد لابن المبارك:
أبإذنٍ نزلت بي يا مشيب ... أي عيش وقد نزلت يطيب
وكفى الشيب واعظاً غير أني ... آمل العيش، والممات قريب
كم أنادي الشباب إذا بان مني ... وندائي مولياً ما يجيب 3
وقال ابن المبارك:
هُمُومُكَ بالعيش مقرونة ... فما تقطع العيش إلا بهم
إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالاً إذا قيل تم
إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
وحام عليها بشكر الآله ... فإن الآله سريع النقم
حلاوة دنياك مسمومة ... فما تأكل الشهد إلا بسم
فكم قدرٌ دَبَّ في مُهلةٍ ... فلم يعلم الناس حتى هجم4