كان ابن المبارك ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم، وإنه قال مرة للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت1.

- وبإسناده أيضاً إلى علي بن الفضيل بن عياض قال: سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟.

فقال ابن المبارك: يا أبا علي: إنما أفعل ذا لأصون به وجهي وأكرم به عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقاً إلا سارعت إليه حتى أقوم به، فقال له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا1.

- وبإسناد الخطيب أيضاً إلى حبان بن موسى المروزي. قال: عوتب ابن المبارك فيما يفرق من الأموال في البلدان، ولا يفعل في أهل بلده، قال: إنني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق وطلبوا الحديث فأحسنوا الطلبة للحديث، بحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بثوا علمهم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم1.

هكذا يكون الفهم الصحيح لوظيفة المال في الحياة الدنيا، إنه لصون الوجه والعرض وإعانة طلبة العلم والصالحين والإستعانة به على مرضاة الرب، هذا هو فهم سلفنا الصالح لوظيفة المال، فهل يقتدي بهم أرباب الأموال من أثرياء المسلمين اليوم، فينفقون أموالهم في وجهها الصحيح.

إن الإمام ابن المبارك يرسم لنا بسيرته العملية في ماله منهجاً بيناً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015