عن شعيب بن الحبحاب قال: قلت لـ ابن سيرين: ما ترى في السماع من أهل الأهواء؟ قال: لا نسمع منهم ولا كرامة.
وعن ابن عون قال: جاء رجل إلى محمد فذكر له شيئاً من القدر، فقال محمد: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]، قال ووضع إصبعي يديه في أذنيه، وقال: إما أن تخرج عني وإما أن أخرج عنك.
فهو رحمه الله لم يسمح لكلام أهل البدع أن يدخل في أذنيه، فإما أن يمرضه وإما أن يقتنع به فيصير من أهل البدع، وإما أن يحدث عنده شبهات فيظل قلبه مشوشاً.
فكانت عادة السلف أنهم لا يجالسون أهل البدع، ولا يسمعون كلامهم، ولا يلقون عليهم سلاماً، وإذا وجدوا مبتدعاً في طريق سلكوا طريقاً آخر.
قال: فخرج الرجل، فقال محمد: إن قلبي ليس بيدي، وإني خفت أن ينفث في قلبي شيئاً فلا أقدر على إخراجه منه، فكان أحب إلي ألا أسمع كلامه.
وعن عمر بن عبد العزيز قال: سمعت محمد بن سيرين وسمع عمن يسمع القرآن فيصعق، قال: ميعاد ما بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائط، فيقرأ عليهم القرآن من أوله إلى آخره؛ فإن سقطوا فهم كما يقولون.
وهذا من فعل الصوفية أن الواحد منهم إذا سمع آية صعق، ولكن لم يكن هذا من هدي الصحابة رضي الله عنهم.
وعن جعفر بن مرزوق قال: بعث ابن هبيرة الوزير إلى ابن سيرين والحسن والشعبي قال: فدخلوا عليه، فقال لـ ابن سيرين: يا أبا بكر ماذا رأيت منذ قربت من بابنا؟ قال: رأيت ظلماً فاشياً، قال: فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفت إليه ابن سيرين فقال: إنك لست تسأل إنما أنا أُسأَل، فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف، وإلى ابن سيرين بثلاثة آلاف، وإلى الشعبي بألفين، فأما ابن سيرين فلم يأخذها، قال هشام: ما رأيت أحداً عند السلطان أصلب من ابن سيرين.
فالعلماء لا يحسنون إلا الصدق!