عن يحيى بن معين قال: حماد بن سلمة ثقة.
وعن حجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد بن سلمة وكان من أئمة الدين.
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: حماد بن سلمة صحيح السماع حسن اللقي، أدرك الناس -أي: وجوه الناس أو العلماء- ولم يتهم بلون من الألوان -يعني: من البدع- ولم يتلبس بشيء، أحسن ملكة نفسه، ولسانه لم يطلقه على أحد، ولا ذكر خلقاً بسوء، فسلم حتى مات رحمه الله.
وقال عبد الله بن المبارك: دخلت البصرة فما رأيت أحداً أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة.
وعن موسى بن إسماعيل قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ما كنا نأتي أحداً نتعلم شيئاً بنية في ذلك الزمان إلا حماد بن سلمة.
وكان معاصراً له، وإن كان حماد بن سلمة أكبر منه بعشر سنوات تقريباً، ولكنهما إماما أهل البصرة، وإن كان حماد بن زيد أثبت، وحماد بن زيد يشبه بالإمام مالك، ولكن حماد بن سلمة لشدته على أهل البدع وعبادته وشبهه بالأولين ركزنا عليه في هذه الترجمة التربوية.
وقال أحمد: أعلم الناس بـ ثابت البناني حماد بن سلمة، وهو أثبتهم في حميد الطويل.
ولذلك فإن البخاري لم يرو عن حماد بن سلمة، ولكن روى عنه الإمام مسلم، وركز على روايته عن ثابت البناني وحميد الطويل؛ لأنه كان من أعلم الناس بحديثهما.
قال الذهبي: كان بحراً من بحور العلم، وله أوهام في سعة ما روى، وهو صدوق حجة، وليس هو في الإتقان كـ حماد بن زيد، وتحايد البخاري إخراج حديثه إلا حديثاً خرجه في الرقاق، فقال: قال لي أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي، ولم ينحط حديثه عن رتبة الحسن.
ومسلم روى له في الأصول، أي: الأحاديث التي ليس في سندها مقال فيصدرها، ثم بعد ذلك يذكر روايات للحديث قد يكون فيها عنعنة مدلس، أو فيها راو تكلم فيه، فهو مطمئن إلى صحة الحديث من الطرق السليمة التي أوردها في المقدمة وفي الأصول، ولا بأس بالمتابعات إذا كان فيها شيء من الضعف.
ورد الحافظ ابن حبان على الإمام البخاري في تجنب حديثه، فقال في صحيحه: لم ينصف من جانب حديثه واحتج بـ أبي بكر بن عياش، وبـ ابن أخي الزهري وعبد الرحمن بن دينار، فإن كان تركه إياه لما كان يخطئ فغيره من أقرانه -مثل الثوري وشعبة ودونهما- كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فكذلك أبو بكر - يعني: ابن عياش - ولم يكن مثل حماد بالبصرة، ولم يكن يثلبه - أي: يطعن فيه - إلا معتزلي أو جهمي؛ لما كان يظهر من السنن الصحيحة، وهل يبلغ أبو بكر بن عياش مبلغ حماد بن سلمة في إتقانه أم في جمعه أم في علمه أم ضبطه؟ وقال الذهبي: قال أحمد بن حنبل رحمه الله: إذا رأيت من يغمزه فاتهمه، فإنه كان شديداً على أهل البدع.
وعلامة أهل البدع الطعن في علماء السنة، وخاصة الذين عرفوا بتحريهم للسنة، كالإمام أحمد وحماد بن سلمة وغيرهم من أئمة أهل السنة والجماعة، قال الذهبي: إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه، فلذلك لم يحتج به البخاري.
أما مسلم فاجتهد فيه، وأخرج من حديثه عن ثابت مما سمع منه قبل تغيره، ويقصد بالتغير قلة الحفظ لا الاختلاط، فقد ينزل من درجة الصحيح إلى الحسن، ولكن ليس معنى ذلك أن يترك حديثه في آخر عمره.
فيقول: أخرج من حديثه عن ثابت.
كما قالوا عن عبد الرزاق أيضاً: تغير بآخره، ولكن لا يقصدون بذلك أنه اختلط.
وقالوا أيضاً في عروة بن الزبير: تغير بآخره، فليس المقصود أنه نزل عن رتبة الاحتجاج، ولكن المقصود: قل حفظه وضبطه.
يقول: وأما عن غير ثابت فأخرج له نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج.
أي: لم يخرج له في الأصول، وإنما في الشواهد أو المتابعات، فالاحتياط ألا يحتج به فيما يخالف الثقات، وهذا الحديث من جملتها.
وقال عبد الله بن معاوية الجمحي: حدثنا الحمادان، وفضل ابن سلمة على ابن زيد كفضل الدينار على الدرهم.
يعني: الذي اسم جده دينار أفضل من حماد بن زيد الذي اسم جده