قال ابن تيمية: قولهم "ومسائل الخلاف لا إنكار فيها" ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أما الأول: فإن كان القول يخالف سنة أو إجماع قديماً وجب إنكاره وفاقاً، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول: المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء. وأما العمل: إذا كان على خلاف سنة أو إجماع، وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار.. كما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء، وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مساغ، فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد مالم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ له الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة، أو لخفاء الأدلة فيها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى "30/80": إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه. انتهى.