العام الذي دخله التخصيص، فإن العمل بما بقي من عمومه واجب لا يجوز تركه، على هذا جرى الصحابة في وقائع كثيرة، قال السمعاني في قواطع الأدلة "1/175، 178": العموم إذا خص لم يصر مجازا فيما بقي، بل هو على الحقيقة فيه، والاستدلال به صحيح فيما عدا المخصوص، ولا فرق عندنا بين أن يكون التخصيص بدليل متصل باللفظ أو دليل منفصل، وذهب قوم من المتكلمين إلى أنه يصيرا مجازا متصلا كان الدليل المخصص أو منفصلا..، وقد ورد عن الصحابة التعلق بالعموم المخصوص، فإن عليا رضي الله عنه قال في الجمع بين الأنشتين المملوكتين في الوطأ أحلتهما آية وحرمتهما آية وقد روي عن عثمان رضي الله عنه مثل ذلك، وعنيا بقولهما أحلتهما آية قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 20] {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] مخصوص منه البنت والأخت، واحتج ابن عباس رضي الله عنهما في قليل الرضاع بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 20] وقال قضاء الله أولى من قضاء ابن الزبير، وإن كان التحريم بالرضاع يحتاج إلى شروط، وذلك يوجب تخصيص الآية، ولا يعرف لهؤلاء مخالف من الصحابة. انتهى.