المدائن والحصون، وقتل وسي الأعاجم، ودخل مدينة السغد فهدمها فسميت سمر كند بلغة العجم، أي شمر أخر بها، فتغيرتها العرب. وقيل هو أول من أمر ببنائها فسميت به، وكتب على بابها بالحميرية في صخرة مبنى عليها سورها: هذا ملك عرب لا عجم، شمر يرعش الملك الأشم، فمن بلغ هذا المكان فهو مثلي، ومن جاوزه فهو أفضل مني. ويقال: إنْ سبب خروج شمر من اليمن إلى الشرق أنْ ملكا من الملوك ببابل يقال له كيقاوس بن كنينة تجبر وبني صرحا يريد فيه الرقي إلى السماء كما فعل فرعون وهامان، فنهض إليه شمر بجنوده، فحاربه فظفر به، وقفل به إلى اليمن أسيرا، فسجنه ببئر بمأرب، ثم إنْ سعدي ابنه سمعت قيقاوس يجأر في تلك البئر فرحمه، فلم تزل تشفع له أبيها حتى أطلقه من السجن وولاه على بلده ورد إليها على خراج يؤديه إليه في كل سنة.
وقيل في رواية أخرى: إنَّ شمر لمّا افتتح سمرقند هدمها، ثم أمر ببنائها، ثم توجه إلى الصين، فخافه ملك الصين خوفا عظيما، وعلم أنَّه لا طاقة له به، فجمع ملك الصين وزراء، فاستشارهم وقال: قد أقبل هذا الأعرابي ولا طاقة لنا به، فماذا
ترون؟ فأتى كل واحد منهم برأي، وبقي واحد منهم لا يتكلم، فقال: ما تقول؟ فقال: أرى أنْ تظهر الغضب عليّ وتجدع أنفي وتأخذ دوري وضياعي وأملاكي ودوابي وعبيدي، حتى يعلم الناس بذلك. فكره ذلك ملك الصين لعظم حال ذلك الوزير عنده، فلم يعذر ذلك الوزير حتى ساعده، وفعل به ما أشار عليه به، فخرج الوزير من الصين حتى انتهى إلى شمر يرعش، فأراه جدع أنفه، وشكى إليه ما فعل به ملك الصين، وأظهر لشمر يرعش النصيحة، فجعله شمر يرعش من خاصته، ثم احتاج إلى دليل يدله على الطريق إلى