ثم إنَّ هودا عليه السلام وصى بنيه ووعظهم فقال: أوصيكم بتقوى الله وطاعته والإقرار بوحدانيته وأحذركم الدنيا فإنّها غرارة خداعة غير باقية عليكم ولا أنتم باقون عليها. فاتقوا الله الذي إليه تحشرون ويقتننكم الشيطان أنه لكم عدو مبين.
ثم أقبل على قومه وعمه عاد يوصيهم بما وصى بنيه ويعظهم بما حكى الله تبارك وتعالى عنه: (وإلى عاد أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) إلى قوله (ولا تتولوا مجرمين) فكان ردهم: ما حكى الله تعالى عنهم: (يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. وقالوا من أشد منا قوة) إلى قوله (ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) فأهلكهم الله بالريح الصرصر كما قال عز وجل (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية. سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية) فلما هلك عاد على غير دين هود جزع هود عليهم واكتأب فأنشده ابنه قحطان شعرا يسلى عليه بعض ما كان به من القلق والارتماض والحزن على قومه وبنيه وبني عمه فقال:
إني رأيت أبي هودا يؤرقه ... حزن دخيل وبلبال وتسهاد
لا يحزنك إنْ خصة بدهية ... عاد بن عوص فعاد بئس ما عادوا
عاد عصوا ربهم واستكبروا وعتوا ... عما نهوا لا سادوا ولا قادوا