وقالوا: لسنا ندعه يعش بعدنا هو وأصحابه، وشغل عنه رهطه بما جاءهم من الأمر. وبلغ صالحاً عليه السلام ذلك عنهم فخرج من بين أظهرهم ومن معه من المسلمين إلى الشام، فلما أصبحت وجوههم يوم الخميس مصفرة ويوم الجمعة محمرة ويوم السبت مسودة، وأيقنوا بالعذاب وجعل بعضهم يخبر بعضاً بما يرون في وجوههم من التغير، فأحتفر كل منهم قبراً لنفسه وتحنطوا ولبسوا أكفانهم، وكانت أكفانهم الأنطاع وحنطوا المر، وجلسوا في حفرهم يوم الأحد، فلما ارتفع الضحى أخذتهم الصيحة، فلم يبق منهم صغير ولا كبير، إلاّ امرأة يقال لها بديعة وكانت مقعدة فأطلق الله رجليها وكانت كثيرة العداوة لصالح عليه السلام فخرجت حمير أتت إلى قرح، فأخبرتهم بما رأته من العذاب الذي أصيب به ثمود، ثم هلكت تلك المرأة حين أخبرتهم بما رأته.

قال عبيد: سمعت أبن عباس يقول: إنَّ الله تبارك وتعالى، بعث جبريل عليه السلام فوقف على الفج الذي عقرت فيه الناقة، فصاح فيهم صيحة، فخرجت

أرواحهم من أبدانهم فهلكوا جميعاً، إلاّ هذه الجارية المقعدة التي أخبرت أهل قرح بهلاك أهل الحجر. قال عبيد: ثم إنَّ الله تبارك وتعالى اهلك ثمود وأهل قرح، وبعد ذلك لإحدى وعشرين ليلة، قال تعالى (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)، وفي ذلك يقول مبدع بن تميم؛ وهو من أصحاب صالح عليه السلام شعراً:

أبى الله إلاّ أنْ يحل بأرضنا ... من أجل صدوف والعجوز أبها

دعت أم غنم شر خلق علمته ... بأرض ثمود كلها فأجابها

أزيرق من قر دعته، وربما ... دعت أم غنم للقبيح شبابها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015