يا صالح؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليه إنَّ علامة ذلك أنَّ تصبح وجوههم يوم الخميس مصفرة، وتصبح يوم الجمعة محمرة، وتصبح يوم السبت مسودة، ثم يأتيهم العذاب غداة يوم الأحد مشرقين. فلما سمعوا قوله كذبوه، وتآمروا لقتله في ليلتهم تلك، وقالوا: هلموا لنقتل صالحاً وأصابه في ليلتنا هذه ونلحقه بناقته. ونستريح منه؛ فإنَّ يك صداقاً فقد جعلناه قبلنا، وإنَّ يك كاذباً فقد اشر منه. فتعاقدوا على ذلك وتعاهدوا وأجمعوا على قتله؛ فأنطلق قدار وأصحابه حين أسوا حمير أتوا منزل صالح يريدون قتله فوجدوه وأصحابه المسلمين قعودا يذكرون الله تعالى، فلما طال ذلك عليهم قالوا: هلموا لنقتله وأصحابه ولا يعلم أحد من قتلهم؛ وإنَّ طالبنا أحد من أوليائهم، أقسمنا لهم: ما شهدنا مهلك أهله، وذلك قوله تعالى (قالوا تقاسموا الله لنبيتنه وأهله، ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصداقون). ثم وثبوا ليقتحموا البيت على صالح، فبعث الله تعالى ملائكته معهم حجارة من نار، فدمغتهم بها، فهلك قدار وأصحابه، ولا علم لصالح وأصحابه بهم فلما أبطأ قدار ومن معه على قومهم، انطلقوا إلى منزل صالح في طلبهم، فوجدوه على باب صالح موتى، وقد رضخوا بالحجارة. ولم يكن لصالح وأصحابه علم بشيء من ذلك، من قتل قدار وأصحابه
ولا بمجيئهم إليهم، فأخذوا صالحاً وقالوا له: أنت فعلت هذا وقتلت أصحابنا، وقد قتلوا على بابك. فوثب رهط صالح دونه وقالوا: والله لا وصلتم إليه أو نموت دونه عن أخرنا، وقد أخبركم أنَّ العذاب نازل بكم إلى ثلاثة أيام فإنَّ يك صادقا فذلك أعز له، وإنَّ يك كاذباً سلمناه الكم بما جناه على نفسه من الكذب؛ وكان رهط صالح أعز بيت في ثمود وأمنعهم، وضيت ثمود منهم بذلك. قال فأوحى الله تعالى إلى صالح بأمر قدار وأصحابه الرهط إذ لم يعلم صالح من قتلهم (إنا دمرناهن وقومهم أجمعين) لمّا أرادوا قتل صالح وأصحابه. وأصبحت وجوههم يوم الخميس مصفرة، سوى صالح ومن أسلم معه. فلما رأوا ذلك أيقنوا بالعذاب، وعلموا أنَّ صالحاً قد صدقهم، فأزدادوا كفرا وطغياناً وجرأة على الله وبغضاً لنبيه صالح على السلام، وأجمعوا على قتله وقتل أصحابه،