زائدة قتل أباه عمرو بن عمرو بن عبد الله بن زيد بحضرموت خديعة، وكان ملكا بحضرموت، وكان أولاده صغارا. فلما أدرك محمّد بن عمرو بن عبد الله، أخذ أخا له صغيرا وأخذ نفقة كثيرة وحج، ثم سأل عن معن بن زائدة، فقيل له إنَّ المنصور ولاه على بست بعد خروجه من اليمن، فلحقه محمّد بن عمرو إلى هناك، وتسبب في وصوله إليه فلم يصل إليه، فأقام هو أخوه عند رجل من اليمانية سنة، حمير أمر معن ببناء. . . فوقع الأجراء، فدخل محمّد أبن عمرو هو وأخوه فيهم، فلما قرب كمال بناء الدار. . . إليها معن لينظرها، ومحمّد وأخوه بختلفان مع الاجراء بالآجر والطين ومحمّد يرصد معنا، ثم إنَّ معنا دخل بعض دهاليز تلك الدار ليقضي حاجته وكان قد احتجم ذلك اليوم فتبعه محمّد بن عمرو فوجده مكبا على حاجته، فقط بطن معن بسكين مسمومة كانت معه، وغمز أخاه فخرجا من غير باب الدار من موضع كان الأجراء يدخلون منه بالآجر والطن إلى البناء إلى منزل اليماني الذي كانا عنده فقالا إنا من ولد جرير بن عبد الله البجلي، وكانا قد عملا لهما غارا في بئر داره تحت الأرض مع الماء، فأدليا نفوسهما ودخلا في ذلك الغار، وأبطأ معن عن أصحابه فلحقوه فوجدوه قتيلا، فأمروا بأبواب المدينة فغلقت، وفقدوا من الأجراء الحضرميين، فعلموا أنهما قتلاه، فطلبوهما في دار اليماني الذي كانا عنده فلم يجدوهما، ثم طلبوهما في جميع دور المدينة فلم يجدوهما، فأقاما في ذلك الغار في تلك البئر حتى هدأ الطلب، وفتحت الأبواب فخرجا، ثم قصدا الشام إلى بعض بني حوشب، فكتب لهما إلى مصر وخرجا من عدن، وكان معن بن زائدة قد أساء إلى أهل اليمن، فلقي محمّد بن عمرو بن عبد الله وجوه أهل اليمن يهنئونه بالظفر وألبسوه التاج وهو طلبة الثأر، وكان معن يقول لمحمد ولأخيه من أنتما فيقولان من
نجران. وقد ذكرت الشعراء ذلك في أشعارها، فقال مروان بن أبي حفصة في مرئية معن:
فلو أنْ أم الحضرمي تلفلفت ... بثوبين في جنح من الليل دامس