عمر ألفا سنة، وقد جاءت بذلك الشواهد من الأشعار. ومنها قوله بعد رجوعه لمّا نعيت نفسه إليه فجعل يخاطب نفسه:
صعب حقاً كل شيء ذاهب ... إلاّ الإله الواحد المعبود
هتكت خطوب الدهر عمرك هتكة ... أمسى حسامك دونها مغمودا
عمرت ألفاً بعد ألفا قبلها ... في العالمين فقد دعيت وحيدا
وقصدت آفاق البلاد بقدرة ... فوجدت نحساً دونها وسعودا
فهديت فيها مؤمناً ذا همة ... ونشزت منها كافراً وجحودا
ورايت عين الشمس عند سقوطها ... ووردت أمواج المحيط ورودا
وبلغت أعلام المشارق كلها ... أبغي بما أبغي لهن حدودا
فوطئت يأجوجاً ومأجوجاً بها ... وبنيت دونها وحديدا
وجعلت عن شريهما مندوحة ... فالفج عن صدفيهما مقصودا
وولجت في الظلمات حين ولجتها ... خوفا وكان وتاجها محدودا
ولقيت تحت الشمس قوماً خلتهم ... تحت الظلام خنازراً وقرودا
وعلوت في الدنيا بعزة قاهر ... أكدت فيها للبقا تأكيدا
حاولت أنَّ أعطي الخلود وأرتقي ... في الخافقين إلى السماء صعودا
فأبى لي الله الذي أملته ... أمس المنى دون الرضا ممدودا