الأعاجم سد يأجوج ومأجوج، ولا يجدون إلى أنَّ ينحلوه الاسكندر سبيلا، لمعرفة الناس بمبالغة من البلاد، فيقولون: هو الاسكندر الأكبر الذي يدعى أبن فيليبوس بن مصريم الذي بنى عليه بنيه ريح، والذي بين قيام فيليبوس بن مصريم وهو عندهم أبو الاسكندر الأكبر وبين قيام الاسكندر الآخر ثلاث عشرة سنة وثلاث مائة وستّة وعشرون يوماً، ومن كان عصره على هذا القرب من الاسكندر بن فيليبوس، فليس يخاف بناء ابنه للسد. والذي روى الخبر وهذا التاريخ من العجم، ويقولون أنَّه لم يرفع أحد من اليونانيين والروم رأسه على ملك بابل حتى قام الاسكندر بن فيلبوس على دارا؛ وما رأيت أحداً من العلماء على اختلافهم في نسب الاسكندر ذي القرنين شك أنَّ ذا القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه، ذكرته العرب في أشعارها، وسماه العرب البناء، والمسلح غير الاسكندر وأقدم منه، وهو الذي تحاكم إليه إبراهيم عليه السلام في الأردن وصاهر إليه جيدان بن قطن. وهذا درجته متقدمة لعصر الاسكندر اليوناني، وإنَّ بين الاسكندر بن فيلبوس وبين إبراهيم عليه السلام عشرين بطناً
ومما يدحض رواية العجم فيما أدعوه من بنائه السد أنَّ مسير الدنيا المشرق إلى المغرب فيما يؤثر عن العلماء أنَّه مقدار خمسمائة سنة من مطلع الشمس إلى مغربها، وكان مدة عمر الاسكندر بن فيلبوس ستاً وثلاثين سنة، فكيف يمكن بلوغه مطلع الشمس إلى مغربها في هذه المدة اليسيرة، وإنّما تصح الرواية في
بلوغ أقصى مطلعها وأقصى مغربها فيمن أقدره الله على ذلك وممكن له في الأجل فنال ذلك على المهل، وهو ذو القرنين الصعب، ويكنى ذا رياش بن مالك بن الحارث ذي مراثد بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، وذو القرنين اسم عربي من الأذواء وهو من المعمرين، وكان فيما يذكرون والله اعلم أنَّ