نتائج عِدّة لتُهمةٍ بلا حُجّة!

ـ[أبو عبد الملك الرويس]ــــــــ[27 - 06 - 2014, 11:02 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

.

.

وهذا مقال مختصر فيه مواضع عدّة هي بعض نتائج ما ورد على عجل هنا في أغلبه، أوردها على وَفق ورودها على الخاطر، أرجو مِن عرضها أن ينفع الله بها. وهي تُعدّ خلاصة خاتمة ما أعان الله عليه مِن إيراد ما ورد مِن ردّ أتى مِن نظرة عاجلة لجملة ما عُدّ أنّه أدلّة قطعيّة على تُهمة رمْي ابن مالك بوضع شواهد على قواعد نحويّة في اللغة العربيّة على لسان أهلها العرب القدماء الفصحاء، مبنيّ على قراءة عاجلة لا دراسة علميّة قائمة على البحث والجمع والفحص والتصنيف، والبحث والتحقيق .. لكاتبه غنمه، وعليه وحده غرمه؛ لأنّه ليس بعالم في النحو ولا شادٍ فيه، بل محبّ له ولعلمائه وطالبيه فحسب، فإن أصاب؛ فمِن توفيق مولاه بما هداه، وإن أخطأ؛ فهو إنسان قال ما ظهر له ممّا حقّ له، والإنسان ـ أيًّا كان ـ عرضة للخطأ والنسيان .. قصد منه إكرامَ العلماء النجباء مَن أحسنوا إلى النحو وأهله على مرّ قرون طوال إلى يومنا، وما بعده ـ بإذن ربّنا ـ، الذين هم أهلُه وخدمته وأهلّته وأدلّته، ومِن أرفعهم وأنورهم وأعلمهم وأقدرهم الإمام ابن مالك ـ رحمه الله ـ بالذود عنه مِن دون ذمّ بعض الأنام الذين أرجفوا بالأقلام هنا وهناك وما جفّت بعد باتّهام هذا الإمام بما لا يرقى ـ عند النظر والعدل ـ إلى دليل قطعيّ، ولا حجّة بيّنة تبرأ بها الذمّة، وتُفيد منها الأمّة، بل هو ظنون وأوهام بأحكام مُسبقة، وأراء مُتّهِمة وهي مُتّهَمة، لا يقين وحكم بعلم، وإحكام حُجّة تجعلنا على المُحجّة البيضاء في الحكم على مسلم وعالم مِن العلماء. ومنهج الحكم بالظنّ هذا منهج منحرف يُخشى مِن قبوله في هذا ومَن هؤلاء أن يُحتذى في كلّ حين ومِن كلّ مَن هبّ ودبّ أو ممّن أراد أن يُذكر ولو بما ذُكر به صاحبُ بئر زمزم!

وكنتُ قد رغبتُ في إيرادها في مقال في متصّفحها إلا لأنّه قد طال فرأيتُ إفرادها بمقال؛ لتكون أقرب للقارئ، وأيسر للمُعقّب بالحقّ إن أراد.

فأقول، ومِن الله أستمدّ العون والتوفيق في المراد:

الأوّل: أنّ نتيجة هذه الأدلّة المزعومة، وإن حُشدت ونصرت، وزخرفت وكرّرت، مجرّد تُهمة ودعوى فحسب عند إمعان النظر متجرّدًا مِن القصد، فلا لجام لها ولا خطام تُهدى بها مِن دليل يقينيّ يقودها إلى القبول والتقدير والأخذ والعمل، بل هي بناء، وإن أُعلِيَ بكثرة القيل والقال، بُني على تُهم أقصى ما تبلغ، وإن تعدّدت، الظنَّ فحسب، وما أوهن بناء بُني على الظنّ وحده، وإن زخرفه أهله!

ويُظهر هذا الأمرَ أمورٌ، منها لا كلّها:

1 - أنّ الناظر فيما زُعِم أنّها أدلّه على هذه الدعوى لا يجدّ لو واحدًا منها يسلم مِن الأخذ والردّ، أو التشكيك والنقض، وليست هذه ـ البتّة ـ بحال أدلّة يقينيّة، بل حال تُهم ظنّية.

2 - التّهم ـ كهذه الأدلّة ـ لا ترقى إلى اليقين البتّة، ولو تعدّدت، بل تصير قصارى أمرها إلى الظنّ الغالب بها. وهذا موصول إليه مِن علم الأصول.

الثاني: أنّ موقد نار هذه الدعوى، ومعلي لوائها الإثنا عشريُّ نعيم البدريُّ في كتابه، وأمّا مَن جاء بعده مؤيّدًا بمقال أو كتاب؛ فهو نافخ نارها فحسب؛ لأنّه عالةٌ عليه فيه، وعائد إليه فيها؛ فمّن أراد إطفاءها وردّها بما يقطعها؛ فعليه بقطع الأصل لا الفرع، فالنبتة غير النافعة تعود إلى نموّها مرارًا ما سلِم أصلُها، والنار توقد أخرى ما بقي جمرُها.

الثالث: أنّ هذه الدعوى لا تُفضي إلى إسقاط رواية الإمام ابن مالك ـ رحمه الله ـ فحسب ـ كما زعم النافخون فيها خوفًا مِن شديد الإثم بها عند الخالق، وشديد الذمّ منها عند الخلق؛ لأنّهم يعلمون أنّهم فيها قد صدروا عن تقليدِ مُخالفٍ وظنونٍ لا عن يقين بدليل ثابت أو نقولٍ عن عالم صالح ثبت، بل إلى إسقاط عدالته ـ أيضًا ـ؛ لأنّ مَن ثبت عليه الوضعُ بدليل قطعيّ في أمر مِن قول أو علم ليس منه وقصد منه أن يُعتقد أنّه منه ـ كما ادّعى هؤلاء في ابن مالك ـ؛ فهو كاذب بفعل الوضع نفسه لا بما وضع عينه، ومَن كذب سقطت عدالته بلا شكّ ولا ريبة!

ومِن أنكر هذا الأمر؛ فدونه أهل الحديث فليردّ عليهم إن قدر.

الرابع: أنّ أصحاب هذه الدعوى مِن مؤسّس ومُقتبس قد انحرفوا فيها وحادوا عن منهج البحث العلميّ الرصين إلى منهج منحرف انحرف بهم وحاد ـ على عادته وعادة مَن سلكه ـ عن الحكم فيها بالعلم اليقين إلى الحكم بالتهم والظنون. فلقد انطلقوا مِن فرضيّة الوضع بعد أن عدّوها ـ في أنفسهم ـ حقيقة ومسلّمة علميّة إلى إثباتها ليس غير، فما نظروا إلى نفيها طرفة عين وَفق المنهج العلمّي الرصين، بأمور زعموها أدلّة قطعيّة، وقد جمعوها مِن احتطاب ليلٍ مع قُصور باع وبَصَر عين، ومِن قبل أن يُخضعوها إلى الفحص والفرز، ومِن ثَمّ الاصطفاء لبناء نتيجة بحثيّة مُقنّنة ومُقنعة بحجّة بيّنة مِن دراسة علميّة، لا تُدفع البتّة إلا بدراسة مثلها، لا أن تسقُط بأدنى اعتراض مِن أعجل اطّلاع مِن مُطّلع على علم لا عالم متخصّص فيه، ولا باحث أنفق مِن جهده ووقته في دراستها الشيء الكثير!

وإلى أن ترتقي هذه الدعوى المدعومة لأهداف مرسومة مِن مؤسّسها ومُرسيها مِن درك هذا المنهج المنحرف الذي أسّسها عليه، منهج وحْل التهمة بالظنّ ومنبع الاختلاف، والثرثرة بلا ثمرة، والبلبلة بلا منفعة منهجَ أصحاب دعوى الشعر الجاهليّ إلى درجة سلوك سبيل منهج البحث العلميّ الرصين والوصول إلى سلسبيله النمير ندعها زبدًا تَذهب جُفاء مِن حالها هذه بمنهجها هذا، ونعتني بما مكث في الأرض قرونًا فنفع الناس ألوفًا وألوفًا. ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)). والحمد لله ربّ العالمين.

.

.

هذا. وكتبه: أبو عبد الملك عبد الله الرويس

ليلةَ السبت: 30/ 8 / 1435هـ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015