ـ[أبو سهيل]ــــــــ[01 - 06 - 2008, 03:51 ص]ـ
البسملة1
أحكام شرعية تتعلق بالشعر
من الموسوعة الفقهية الكويتية
اختلف الفقهاء في حكم تعلّم الشّعر وإنشائه وإنشاده وغير ذلك من مسائله على التّفصيل التّالي:
«أوّلاً: إنشاء الشّعر وإنشاده واستماعه»
- قال ابن قدامة: ليس في إباحة الشّعر خلاف، وقد قاله الصّحابة والعلماء، والحاجة تدعو إليه لمعرفة اللّغة العربيّة، والاستشهاد به في التّفسير، وتعرّف معاني كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويستدلّ به أيضاً على النّسب والتّاريخ وأيّام العرب، يقال: الشّعر ديوان العرب.
وقال ابن العربيّ: الشّعر نوع من الكلام، قال الشّافعيّ: حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيحه: يعني أنّ الشّعر ليس يكره لذاته وإنّما يكره لمتضمّناته.
وقال النّوويّ: قال العلماء كافّةً: الشّعر مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه، وهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، وهذا هو الصّواب، فقد سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم الشّعر واستنشده، وأمر به حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في هجاء المشركين، وأنشده أصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها، وأنشده الخلفاء وأئمّة الصّحابة وفضلاء السّلف، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه، وإنّما أنكروا المذموم منه وهو الفحش ونحوه.
وقال ابن حجر: الّذي يتحصّل من كلام العلماء في حدّ الشّعر الجائز أنّه إذا لم يكثر منه في المسجد، وخلا عن هجو وعن الإغراق في المدح والكذب المحض والغزل الحرام، فإنّه يكون جائزاً.
ونقل ابن عبد البرّ الإجماع على جوازه إذا كان كذلك، واستدلّ بأحاديث وبما أنشد بحضرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو استنشده ولم ينكره، وقد جمع ابن سيّد النّاس مجلّداً في أسماء من نقل عنه من الصّحابة شيء من شعر متعلّق بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّةً، وأخرج البخاريّ في الأدب المفرد عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّها كانت تقول: الشّعر منه حسن ومنه قبيح، خذ الحسن ودع القبيح، ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعاراً منها القصيدة فيها أربعون بيتاً، وأخرج البخاريّ في الأدب المفرد أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً بلفظ: «الشّعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام». وروى مسلم عن عمرو بن الشّريد عن أبيه قال: «ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: هل معك من شعر أميّة بن أبي الصّلت شيء؟ قلت: نعم، قال: هيه فأنشدته بيتاً فقال: هيه ثمّ أنشدته بيتاً فقال: هيه حتّى أنشدته مائة بيت».
قال القرطبيّ: وفي هذا دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها إذا تضمّنت الحكم والمعاني المستحسنة شرعاً وطبعاً.
وإنّما استكثر النّبيّ صلى الله عليه وسلم من شعر أميّة لأنّه كان حكيماً، وقال صلى الله عليه وسلم: «كاد أميّة بن أبي الصّلت أن يسلم».
ولمّا أراد العبّاس رضي الله تعالى عنه مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات من الشّعر قال صلى الله عليه وسلم له: «هات، لا يفضض الله فاك».
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل مكّة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه بين يديه يمشي وهو يقول:
خلّوا بني الكفّار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يا ابن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلّ عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النّبل». وروى أبيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ من الشّعر حكمةً».
وبهذا يتبيّن أنّه لا وجه لقول من حرّم الشّعر مطلقاً أو قال بكراهته.
¥