منشورة).
وكان الحربي ينقل أقوال اللغويين وخاصة عن أبي عمرو بن العلاء،والخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب،والأصمعي،وأما ما رواه من طريق السماع فكان حريصاً على أن لا يكتب اللغة أو الحديث إلا من سماع ثابت،وكثر استشهاده بالآيات القرآنية،والأحاديث الشريفة وكلام العرب وشعرها،والشاهد عنده قد يكون بيتاً وقد يزيد سواء من الشعر أو الرجز،كما كان الحربي يفيض في شرح شواهده لفظة لفظة،،كما كان يشرح معناها شرحاً مستفيضاً.ومن هنا أحتل كتاب الإمام الحربي مكانة مرموقة في كتب غريب الحديث لأهميته اللغوية،أما تفصيل بيان الحكم في كتابه من زاوية علوم الحديث فقد أوردناه في دراسات أخرى فليرجع إليها.
وكنت قد وجدت سابقاً أن د. سالم آل عبد الرحمن كان قد أشار في أحد بحوثه - طبع مكتبة المرفأ لعام 1985م- والتي كانت بعض ملقياتها مبثوثة بمحاضرات له،وجدته يقول فيها:
إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحَرْبي، أبو إسحاق، وهو ينسب إلى قرية تسمى: الحَرْبية بالقرب من بغداد قاله الخطيب البغدادي، ولد سنة 198هـ.
ومن شيوخه:
هوذة بن خليفة، وهو أكبر شيخ لقيه، وعفان بن مسلم، وأبي نعيم وعمرو بن مرزوق، وعبد الله بن صالح العجلي، وأبي عمر الحوضي، وعمر بن حفص، وعاصم بن علي، ومسدد بن مسرهد، وموسى بن إسماعيل المنقري، وشعيب بن محرز، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن شبيب، وابن نمير، والحكم بن موسى، وأبي معمر المقعد، وأبي الوليد الطيالسي.
أما تلاميذه،فأبرزهم:
أبو محمد بن صاعد، وأبو عمر بن السماك، وأبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وعمر بن جعفر الختلي، وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وعبد الرحمن بن العباس والد المخلص، وسليمان بن إسحاق الجلاب، ومحمد بن مخلد العطار، وجعفر الخلدي، ومحمد بن جعفر الأنباري، وأبو بحر محمد بن الحسن البربهاري.
أما مصنفاته فلعل من أشهرها:
دلائل النبوة
غريب الحديث
مناسك الحج
كتاب إتباع الأموات
كتاب الأدب
كتاب الحمام وآدابه
كتاب ذم الغيبة
كتاب سجود القرآن
كتاب القضاة والشهود
كتاب المغازي
كتاب الهدايا والسنة فيها
وله سبعة وعشرون مسنداً من كبار الصحابة.
وقال: وقد أثنى عليه مجموعة من كبار أئمة وعلماء الأمة،قال الدارقطني عنه: "كان إماماً، وكان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه".
وقال الخطيب البغدادي عنه: "كان إماماً في العلم".
وقال الذهبي عنه: "الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام".
وقال عنه أبو يعلى: كان إماماً في العلم رأساً في الزهد عارفاً بالفقه بصيراً بالأحكام حافظاً للحديث وصنف كتباً كثيرة.
توفي رحمه الله تعالى لسبع بقين من ذي الحجة، سنة خمس وثمانين ومئتين، وكانت جنازته مشهودة، وكان ممن صلى عليه العلامة الشيخ يوسف القاضي، صاحب كتاب " السنن ".
وقال سالم آل عبد الرحمن في أحد الفصول:
أما علم غريب الحديث فقد عرفه ابن الصلاح بقوله: " وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها "، ووصفه الزمخشري بأنه: " كشف ما غرب من ألفاظه واستبهم، وبيان ما اعتاص من أغراضه واستعجم ".
وأضاف: ويعتبر هذا الفن من العلوم التي يُحتاج إليها في معرفة معاني الأحاديث، حيث يترتب عليه الحكم على المتن من جهة، واستنباط الأحكام منه من جهة أخرى، وهو صورة من صور شرح الحديث.
وقال آل عبد الرحمن: سُئل الإمام أحمد رضوان الله تعالى عليه، عن حرف من غريب الحديث، فقال: "سلوا أصحاب الغريب، فإني أكره أن أتكلم في قول الرسول صلى الله عليه وسلم بالظن فأخطئ".
وقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى: "الخوض فيه ليس بالهين، والخائض فيه حقيق بالتحري، وجدير بالتوقي".
وكتاب غريب الحديث للحربي معروف لدى العلماء، مشهور بينهم، فكم من مستفيد منه وناقل، والمطالع لكتب أهل العلم يلمح منهم اهتمامهم بالكتاب، ورفعهم لشأنه، واتفاقهم على نسبته للحربي رحمه الله، ويستبين ذلك بما يلي:
1 - رواية الكتاب بالسند الصحيح المتصل إلى المؤلف.
2 - نص على نسبته إليه جماعة من العلماء؛ منهم: ابن النديم في الفهرست وياقوت الحموي في معجم البلدان، والذهبي في السير، وتذكرة الحفاظ، وحاجي خليفة في كشف الظنون.
¥