ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 10:19 م]ـ
يسرني أن أشترك في مجلسكم هذا بأول مقال .. والمناسبة بين القول والمقام تتمثل في معنى الأولية .. فأنا هنا بصدد البحث عن أول لغة تكلم بها الإنسان ..
أتى علي حين من الدهر كنت أعتقد فيه أن من يزعم أن اللغة العربية
هي أم اللغات وأنها المستحقة لاسم" اللسان" دون غيرها وأن لغات البشر ماهي إلا تحريف ولحن للغة الأم التي هي العربية .. كنت أعتقد أن هذا الادعاء ليس إلا شيئا من نفث العاطفة وهمز الغرور ونشر "القوميين"أو أنه ترويح عن النفس وتقديس للذات: فاللغة العربية آخر ما نملك لا ينافسنا فيها أحد فعوضنا بها عن خساراتنا الأخرى في كل مجال طحننا فيه المتنافسون، وعن رتبة الحضيض في العلم والسياسة والاقتصاد وغيرها ... كما قال أحدهم.
لكن كلمة واحدة صدرت عن الفيلسوف الفرنسي" أرنست رينان"
جعلتني أعيد النظر:
زعم رينان أن اللغة العربية على عكس كل اللغات ظهرت فجأة على مسرح التاريخ ممتلئة، عروسا في كامل حليتها فلا يعرف لها طفولة ولا يتوهم لها حبو وتلعثم .. فهي شبيهة بأهلها من العرب الذين تسنموا الحضارة فجأة بدون توطئة أو تدرج.
فهل تكون العربية الاستثناء الثقافي لقانون التاريخ؟
إن ملاحظة رينان يمكن استثمارها "منطقيا" و"هندسيا" للدلالة على أن العربية هي لغة الإنسان الاول!
علماؤنا عندما دونوا اللغة وضعوا قيودا في الزمان والمكان ..
وما يهمنا هنا هو الشرط الزماني .. فالمتكلم المتقدم هو بالضررة أفصح من المتأخر ... فشعراء صدر الإسلام أفصح من شعراء العهد العباسي .. وهؤلاء أفصح من شعراء النهضة ... وشعراء الجاهلية أفصح من الإسلاميين ..
لا بد من اطراد القاعدة ... ومد السهم المبياني:
فشعراء الجاهلية القريبة أقل فصاحة من شعراء الجاهلية الأولى .. وهؤلاء الذين لا نعرفهم لا بد أن يكون آباءهم أفصح منهم ... فلا معنى للتخلي عن القاعدة بدون ما سبب ...
الحاصل المنطقي أن العربية بدأت لغة مطلقة -بالمعنى الهيجلي للوصف-ثم بدأ يعتريها التدهور شيئا فشيئا في مسيرتها التاريخية كأي شيء كامل لا يتوسم فيه إلا النقصان ...
أما اللغات الأخرى فقدرها مختلف تماما:
فأهل الفرنسية مثلا يرون فرنسية القرن العشرين أفصح من فرنسية القرن السابع عشر .. أما فرنسية القرن الثالث عشر فلم تكن فرنسية بقدر ما كانت لهجة عامية منحرفة عن اللاتينية .. وفي القرن الخامس لم يكن في الوجود شيء يسمى الفرنسية ...
وهكذا ترون أن السهم المبياني للفرنسية مضاد رياضيا -تماما-لسهم العربية .. لكم أن تتصوروا الفرنسية مثل مخروط قاعدته الواسعة في ما يستقبل من القرون ورأسه في لحظة تاريخية معينة هي لحظة الانفصال عن اللاتينية .. أما العربية فهي مثل مخروط قاعدته الواسعة هي زمن آدم عليه السلام ورأسه الضيق هو عندما يرث الله الأرض ومن عليها فنحن على اعتقادنا بأن العربية دائمة بدوام القرآن.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[29 - 05 - 2008, 06:06 م]ـ
السلام عليكم
لعلي أذكر بالخلاف القائم حول نشأة اللغة أهي توقيف وإلهام أم تواضع واصطلاح
وكذلك أذكر بتقسيم العربية إلى قسمين
1 - العربية البائدة
2 - والعربية الفصحى لغة القرآن الكريم
وما بينهما من تشابه واختلاف في خصائصهما
كذلك أذكر بعربية حمير المختلفة.
كل هذا قد يعطينا قرائن مختلفة الاتجاه خاصة وأن قوانين تطور اللغة تتحكم ولاتستثني لغة عن غيرها في التطور.
صحيح أننا لا نملك شيئا عن طفولة اللغة العربية لكن هذا لا يعني أنها لم تكن لها طفولة ولانستطيع الجزم أن لغة العرب القديمة كانت أفصح ممن بعدهم لأن المقياس المخروطي قد يكون مقياسا جزئيا لعملية التطور إذ لربما كانت اللغة بدأت من قاع إلى قمة ثم اتجهت بالعكس مكونة شبه مثلث فكانت الفرنسية في ضلعه الأول حين القياس وكانت العربية في ضلعه الثاني.
على كل حال الموضوع لم يحسم بعد ولا أظنه سيحسم لعدم كفاية الأدلة:)
لكن ما وصلنا من العربية كاف لتتربع على عرش اللغات جميعا متوجة بكتاب الله الكريم
بوركتم
ـ[أبو العباس]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 01:35 م]ـ
زعم رينان أن اللغة العربية على عكس كل اللغات ظهرت فجأة على مسرح التاريخ .............
فالمتكلم المتقدم هو بالضررة أفصح من المتأخر ... فشعراء صدر الإسلام أفصح من شعراء العهد العباسي .. وهؤلاء أفصح من شعراء النهضة ... وشعراء الجاهلية أفصح من الإسلاميين ..
لا بد من اطراد القاعدة ... ومد السهم المبياني:
فشعراء الجاهلية القريبة أقل فصاحة من شعراء الجاهلية الأولى .. وهؤلاء الذين لا نعرفهم لا بد أن يكون آباءهم أفصح منهم ... فلا معنى للتخلي عن القاعدة بدون ما سبب ...
الحاصل المنطقي أن العربية بدأت لغة مطلقة -بالمعنى الهيجلي للوصف-ثم بدأ يعتريها التدهور شيئا فشيئا في مسيرتها التاريخية كأي شيء كامل لا يتوسم فيه إلا النقصان ...
أولاً هذا قول بلا دليل.
ثانيًا: أنت فهمت كلام الفيلسوف على غير وجهه وذلك أن ظهور اللغة فجأة على مسرح التاريخ لا يعني أن اللغة بدأت لغة مطلقة!!!
ثالثًا: يلزم من قولك أن القرآن الكريم نزل حين تدهور اللغة العربية وقلّة فصاحة شعرائها!! ويلزم عليه أن القرآن لا يمكن أن يكون فصيحًا فصاحة مطلقة لأنه إنما تحدى بفصاحته أناسًا قليلي الفصاحة!!!
¥