ـ[عائشة]ــــــــ[14 - 07 - 2008, 11:28 ص]ـ
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
قال الشَّيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- في " حِلْية طالبِ العِلم ":
احْذَرِ اللَّحْنَ:
ابْتَعِدْ عَنِ اللَّحْنِ في اللَّفْظِ والكَتْبِ؛ فإنَّ عَدَمَ اللَّحْنِ جَلالةٌ، وصفاءُ ذوقٍ، ووقوفٌ علَى مِلاحِ المعاني لِسلامةِ المباني:
فعَنْ عُمرَ -رضِي الله عنه- أنَّه قال:
"تعلَّموا العربيَّةَ؛ فإنَّها تزيدُ في المروءةِ" (1).
وقد وَرَدَ عن جماعةٍ من السَّلَفِ أنَّهم كانوا يَضْرِبون أولادَهُم علَى اللَّحْنِ (2).
وأسند الخطيب (3) عن الرَّحْبيِّ قال:
"سمعتُ بَعْضَ أصحابِنا يقولُ: إذا كَتَبَ لَحَّانٌ، فكَتَبَ عن اللَّحَّانِ لَحَّانٌ آخَر؛ صارَ الحديثُ بالفارسيَّةِ" (3)!
وأنشد المبرِّد (4):
النَّحوُ يَبْسُطُ مِن لِّسَانِ الأَلْكَنِ * والمَرْءُ تُكْرِمُهُ إذَا لَمْ يَلْحَنِ
فَإذَا أرَدتَّ مِنَ العُلومِ أجَلَّهَا * فأجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ (5)
وعليه؛ فلا تَحْفَلْ بقولِ القاسمِ بنِ مُخَيْمِرة -رحمه الله تعالَى-:
"تعلُّمُ النَّحْوِ: أوَّلُه شُغلٌ، وآخرُهُ بَغْيٌ".
ولا بقولِ بِشْرٍ الحافي -رحمه الله تعالَى-:
"لَمَّا قيلَ له: تَعَلَّمِ النَّحْوَ، قال: أَضِلُّ. قال: قُلْ ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. قال بِشْرٌ: يا أخي! لِمَ ضَرَبَهُ؟ قال: يا أبا نَصْرٍ! ما ضَرَبَهُ، وإنَّما هذا أصلٌ وُضِعَ. فقال بِشْرٌ: هذا أوَّلُه كَذِبٌ، لا حاجةَ لِي فيه".
رواهما الخطيب في "اقتضاء العلم العمل".
ـــــــ الهامش ـــــــــــــــ
(1) "الجامع" للخطيب: (2/ 25).
(2) "الجامع" للخطيب: (2/ 28، 29).
(3) "الجامع" للخطيب: (2/ 28).
(4) "الجامع" للخطيب: (2/ 28).
(5) لبعض العُلماء تعقيبٌ علَى ما أنشده المبرِّد من أنَّ أجلَّ العلوم علمُ التَّوحيد، لكنَّ الجلالةَ هنا نسبةٌ إلَى علُومِ الآلةِ، والله أعلم.
.
.< o:p></o:p>
ـ[عائشة]ــــــــ[14 - 07 - 2008, 11:29 ص]ـ
ـ قال سالم بن قُتَيْبةَ: كنتُ عند ابن هُبَيْرَةَ، فجَرَى الحديثُ، حتَّى ذَكَرُوا العربيَّة، فقال: واللهِ، ما استوى رجلان: حَسَبُهُما واحِدٌ، ومُروءتُهُما واحدةٌ، أحدُهما يَلْحَنُ، والآخَرُ لا يَلْحَنُ؛ إلاَّ أنَّ أفضَلَهما في الدُّنيا والآخرة: الَّذي لا يَلْحَنُ. فقلتُ: أصلحَ اللهُ الأمير! هذا أفضلُ في الدُّنيا؛ لفَضْلِ فصاحته وعَرَبيَّته، أرأيتَ الآخرةَ: ما بالُه فُضِّل فيها؟! قالَ: إنَّه يقرأُ كتابَ الله على ما أنزلَ اللهُ -جلَّ وعلا-، والَّذي يَلْحَنُ: يَحْمِلُه لَحْنُهُ عَلَى أنْ يُدْخِلَ في كتابِ الله -جلَّ وعلا- مَا لَيْسَ فيه، ويُخْرِجَ مِنْهُ مَا هُوَ فيه. قلتُ: صَدَقَ الأميرُ وبَرَّ!؟
ـ وقالَ عبد الرَّحمن بن مهديّ: ما نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَامتي أنِّي لَمْ أنظُرْ فِي العَرَبِيَّةِ.
ـ وقال أبو زيد النَّحْوِيُّ: جاءَ رجلٌ إلى الحَسَنِ، فقالَ: ما تقولُ في رَجُلٍ تَرَكَ أبيه وأخيه؟ فقال الحسنُ: تَرَكَ أباه وأخاه، قال الرَّجُلُ: فما لأباهُ ولأخاهُ؟ فقال الحسنُ: فما لأبيه ولأخيه؟ فقال الرَّجُلُ: كُلَّما تابعتُكَ خالفْتَ!
ـ وقالَ الأصمعيُّ: إنَّ أخوفَ ما أخافُ على طالبِ العلم إذا لَمْ يَعْرِفِ النَّحوَ: أنْ يَدْخُلَ فيما قالَ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))؛ لأنَّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- لَمْ يَكُنْ لَحَّانًا، ولَمْ يَلْحَنْ في حديثِهِ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيه؛ كَذَبْتَ عَليهِ.
مصدر ما سبق:
" رَوْضة العُقلاء ونُزهة الفُضلاء "، للإمام ابن حبَّان البستيِّ -رحمه الله-.
.
ـ[مُحبةُ القُرآنِ والعربيّة]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 04:32 م]ـ
سلامُ اللهِ عليكُم ورحمتُهُ وبركاته
**************************
ما شاء الله!
بورِكتِ، وبورِكَ مِدادُ يَراعكِ أختى الفاضلة \ عائِشة. - يا خَيْرَ سَمِيَّةٍ! -
رحِمَ الله ُ العلامة بكر أبو زيد، وطيَّبَ ثراه
فموته- وأمثاله من العُلماءِ الرَّبانيين - ثلمة لا تُسَدّ.
فاللهُمّ أَجِرنا فى مُصيبتنا، واخلُف لنا خيرًا منها.
آمين آمين.
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 12:22 ص]ـ
حبذا لو نسخت الملف الأصلي على برنامج المفكرة أو الدفتر أولا ثم عليك نسخه ولصقه من جديد في المنتدى فإن الوورد يفسد الكلام أحيانا بشيفرات برمجية (xml) كالتي نراها.
ـ[الأديب النجدي]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 02:29 ص]ـ
جزاكِ الله ُ خيراً، وإنّه ليَجبِذُني إلى الكلامِ الفخمِ المفيدِ كما هوَ موضوعكِ هذا، حسنُ تنميقِه وضبطه بالشكلِ كما فيما أوردتِ زادكِ الله علماً، وعملاً صالحاً.