أفرأيتَ إن كتبتُ لك في سؤالٍ:ماذا ... ففصلتُ نصف الكلمة الأول عن نصفها الثاني، أكنتَ تجيز كتابتي؟! أو قلتُ لك مشيرا إلى من سألتني عنه: ها ذا، حيث " ها " للتنبيه، فهي إذن ليست من حرف الإشارة!
أو كتبت لك بطريقة الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – في " هاؤلاء " أو في " ذالك " من ما أفاء به علينا في أخريات كتبه، أو من ما وافقته عليه مجامع اللغة، بل مقامعها في تبديل ما عرفناه يوم كنا صغارا، مثل حذف الألف التي تتوكأ عليها المائة جبرا لخاطرها حين كانت الألْف قائمة بذاتها ..
أليس في كل ذلك ما يشبه ما أقدمتَ عليه في هذا الملتقى من فصل " إذ " عن " يوم " في " يومئذ " .. أتظن السوء بمن يؤشر إلى البعيد بـ " ذلك " بأنه يريد " ذُلَّك "؟ أجزم أنك عزيز إن أحسنت قراءة حرف الإشارة " ذلك " وإن لم تحسنها!
أم هل تراك مقتنعا بما عاند به أبو عبد الرحمن ابن عقيل جمعًا ممن جادلوه في الرسم الإملائي، حين يرسم - مثلا - كلمتي " أحياءٌ مؤتلفةٌ " بـ " أحياأٌ مُأْتلفة "؟ ثم ما لبث أن تركه؛ إذ ليس من اليسير عليه نفسِه أن يقرأ ما كَتَب!
إنني أوافقك على ما لم يُقِرَّه المحْدثون من حذف الألف من بعض الكلمات مثل " معاوية، وهارون، والحارث، وغيرها " ولكني لن أوافقك إن أخللت بشرط الإمام المبرد بـ " إذَنْ " (بالنون) إن كتبتَها " إذًا " (بالتنوين)، كما أني سأكون سعيدا ومعتدا برأيي؛ حين لا أنثني لقرارات المجامع في فصل كلمتين تآلفتا منذ عرفتا طريقهما إلى أعين قراء الحرف العربي، مثل " خمسمائة " حيث قطعتها المجامع وحذفت عصا المائة حتى لا يكون معها سلاح في وجه من اعتدى عليها، وسوف تراني قد طرت فرحا، حين تكتب لرجل يطلبني (500) من العملة النقدية بطريقة المجامع، إذ أعطيه خُمسَ المائة أي عشرين بصفة شرعية!
وأختم حديثي بتذكيرك وإخوتي القراء، أن اللغة الإنجليزية لم يشأ أبناؤها أن ينشئوا مجامع لتجديدها، فقل لي متى نرى الحرف الصامت قد أزيل منها، مثل قولهم " climb " أي " تسلّق " وهي كلمة لا يلفظ حرفها الأخير؟ أتراه حرفا زائدا ينتظر من يحطمه؟ أما أنا فأراه حرفا مهما يبيّن حركة الشفتين وإطباقهما!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[11 - 07 - 2011, 01:45 م]ـ
أحيِّيك مرةً أخرَى.
سُرِرتُ بتعلقيتِك على منازعتي، واعتراضِك الذي يَدُلُّ على فطانةٍ فيك، وجودةِ نظَرٍ.
ذكرتَ أنَّه لو كانَت كلُّ كلمةٍ مستقلَّة المعنَى يجِب أن تُفصَل في الرَّسْم عن غيرِها، لوجبَ أن تفصَل ها التنبيه عن (ذا)، في (هذا) لأنهما كلمتانِ، فكان ينبغي أن تكتبَ (ها ذا)، ولوجبَ أيضًا أن تُفصَل (ما) عن (ذا)، فتكتب (ماذا).
وأنا أجيبُك عن ذلك.
أمَّا (هذا)، فإنَّهم التزَمُوا حذفَ الألفِ منها في الرَّسْم كما حذفوا ألفَ (الرحمن)، و (أُلئك)، وغيرِهما، فبقِيت الهاءُ مفرَدةً وهي حرفٌ واحِدٌ، فوصلُوها بـ (ذا)، لأنَّ ما كان من الكَلِم على حرفٍ واحدٍ وجبَ وصلُه بما بعدَه. ومن ذلك حروف المعاني الأُحادية، كبعض حروف الاستفهام، والجرِّ، والعطفِ، فإنك تصِلها بما بعدَها، وإن كانت كَلِمًا مستقِلَّة المعنَى، فتكتبُها مثَلاً: (بالسوق)، و (أَذَهبْتَ؟)، و (فوقَفَ). ولا يجوز لكَ فصلُها.
وأمَّا (ماذا)، فإنَّ فيها وجهينِ. فإذا جعلتَ (ما) استفهاميَّةً، و (ذا) اسمًا موصولاً، فإنك تفصلها، فتكتبها (ماذا). وإذا جعلتَ (ماذا) كلَّها اسم استفهامٍ، وصلتَ (ما) بـ (ذا). والوجهانِ معروفانِ.
وأمَّا ما دعا إليه من ذكرتَهم، فهو وإن كانَ القياسَ، فلا ينبغِي قَبولُه لأنَّ ذلك مفضٍ إلَى تباعُدِ الفجوةِ بينَنا، وبين تراثِنا. والذي أخالفُ فيه إنما هو مسائلُ قليلةٌ أكثرُها قالَ به بعضُ المتقدِّمينَ من العُلَماء. وأكثرُه كذلك ليس الحادي عليه طلب التيسيرِ، وإنما هو طلبُ اتِّساقِ قواعدِ الرسْم، وصحَّة عِلَله، وخلوِّه من التناقضِ، والاضطرابِ.
ـ[سعد الماضي]ــــــــ[11 - 07 - 2011, 09:11 م]ـ
ليس شيء أحبَّ إليّ من منافسة هذه القامات الشامخة ومعارضتهم - أحيانا - لأستزيد من المعارف مما لم أُحِطْ به خُبرا.
أبا قصي: بيّض الله وجهك يوم تبيض وجوه، فلقد بلوتك فما وجدت إلا صدرا رحبا ولسانا مهذبا، فجزاك الله عني وعن القرّاء خير الجزاء.
أبا قصي: ومع كل ما أُكِنُّ لك من تقدير أو أُظهِرُ بعضه، فليس لي بدٌّ من المشاغبة في الفقرة التالية:
لأنَّ ما كان من الكَلِم على حرفٍ واحدٍ وجبَ وصلَه بما بعدَه.
أجزم أن أناملك كبتْ وإن اجتاز بك عِلمك صراط الحروف والحركات!
في رعاية الله.
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[12 - 07 - 2011, 04:50 ص]ـ
جزاك الله خيرا ايها الاخ الفاضل - سعد الماضي - فإنك قد أفصحت عما كان في نفسي من اعتراض إلا أنه قد منعني من النقاش فيه: جهلي وقلة باعي أمام الاخ الصالح الكريم فيصل المنصور زاده الله توفيقا وبارك في علمه
¥