ملتقي اهل اللغه (صفحة 6039)

ومن هذا المنطلق أكد مدير المركز النيجيري للبحوث العربية أن اللغة العربية تمثل بشكل واضح حقيقة مهمة مفادها كونها قضية وجود وقاعدة كيان ودعامة النظام العربي الإسلامي الذي يستند إلى مرجعية العمل المشترك، عبر قنواته وآلياته ومؤسساته الرسمية.

وقال إن الثقافة الإسلامية في معظم البلاد الأفريقية اتسمت بأنها عربية في طابعها، فقد أقبلت الشعوب الأفريقية عليها .. ونهلت منها حتى أن الذاكرة المركزية لكثير من دول غرب أفريقيا تعتمد بدرجة كبيرة فيما وثّق منها على اللغة العربية خلال فترة المدّ الإسلامي وانتشار ثقافته ذات الطابع المغربي .. فالمذهب المالكي كان من بين ملامح تجذر الثقافة العربية الإسلامية وتمكنها في تلك المناطق.

وأكد أن هناك علماء وفقهاء ومفكرين أفارقة ساهموا في المسيرة الحضارية للثقافة العربية فأصبحوا من روادها وأعلامها مثل: أحمد بابا التمبكتي الفقيه واسع الثقافة الذي ألف الكثير من الكتب والعلامة عبد الرحمن السعدي المؤرخ الكبير صاحب كتاب " تاريخ السعدي " .. والذي أشار فيه إلى دلائل وشواهد تؤكد وجود مجتمع ثقافي عربي في غرب أفريقيا يحاكي المجتمعات العربية في شمال أفريقيا .. كما ترجم لأكثر من مائة عالم وشاعر ومؤرخ وفقيه أفريقي، عبّروا عن فكرهم بالعربية.

كما ان هناك مدنا ومراكز ثقافية عريقة للغة العربية في أفريقيا والتي اشتهرت بالعلم والفكر منها: تمبكتو وأودغست وأغدس ومن علمائها محمد الكتشناوي الذي امتدحه الجبرتي وجاندوت ومن علمائها البكري وزارها الإمام العلامة السيوطي.

وقال المحاضر إن هناك عدة ممالك ودول وإمبراطوريات أفريقية إسلامية ذات المرجعية الثقافية العربية فكرا ونهجا عمليا مثل " غانا ومالي وصنغي وبرنو وكانم وصكوتو ".

وأشار المحاضر الى واقع اللغة العربية في أفريقيا والتحديات المعاصرة .. وقال إن الثقافة العربية في أفريقيا المعاصرة تتميز بأنها ثقافة خارج السياق المحلي .. كما أنها ثقافة الأقلية بسبب أن المتحدثين بها والمنتمين إليها ثقافة وفكرا يعتبرون أقلية عددية بالنسبة إلى بقية السكان.

كما أن الثقافة العربية ترتبط في السياق الأفريقي وبشكل مطلق بالإسلام حيث إنها ثقافة دينية إسلامية ذات طابع روحاني وإن كل من ينتمي للثقافة العربية يملك حصيلة وفيرة في العلوم الشرعية وله ارتباط قوي بعالم روحانية القرآن المنزل باللغة العربية.

وتحدث المحاضر عن المؤسسات المعنية باللغة العربية في أفريقيا وقال .. إنها تتمثل في المدارس العربية والكليات الجامعية والمساجد .. مشيرا الى عقبات تواجه هذه المؤسسات ابرزها التمويل وقلة المدارس العربية ..

منبها إلى أن أي تقصير في دور هذه المؤسسات سيؤدى إلى تراجع كبير في نشر وفهم اللغة العربية مما يترتب عليه تراجعا كبيرا في فهم الدين الإسلامي لان فهم الدين مرتبط بفهم اللغة.

وأشار الدكتور الخضر إلى أن فترة الستينيات من القرن الماضي شهدت تلاحما عربيا إفريقيا متميزا في كافة المجالات وكان من أهم ما يميز هذه الفترة ترجمة الأدب العربي من وإلى اللغات الإفريقية مما كان له عظيم الأثر في نشر الثقافة العربية بالدول الأفريقية، ثم تطرق إلى المشكلات التي تواجهة الافارقة المهتمين باللغة العربية، داعيا الدول العربية والاسلامية الى دعم جهود احياء هذه اللغة .. مؤكدا أن الثقافة تعتبر بوابة التواصل السليم بين الشعوب.

وفي مداخلة له أكد سعادة الدكتور حمد علي المدير التنفيذي للمركز الثقافي الاعلامي ,المستشار الاعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد ال نهيان حرص قيادة دولة الامارات وسمو الشيخ سلطان بن زايد ال نهيان على حماية اللغة العربية وقال ان تعميق اللغة العربية وحمايتها جزء وركيزة من ركائز العمل بالمركز .. منوها بهذا الصدد بجهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان مؤسسس دولة الامارات، وقال انه في خضم ما تتعرض له اللغة العربية من انتهاكات في وسائل الاعلام فان هناك ضرورة للعودة الى اللسان العربي المبين حيث ان لهذه اللغة جرس موسيقي خاص كما انها مرتبطة بشكل تام بديننا الحنيف واشار الى ان اللغة العربية تتعرض لانتهاكات خطيرة في الفضائيات العربية مشددا على أهمية إحياءها والعودة بها الى المقدمة بحيث تكون لغة العلم والثقافة.

وفي ختام المحاضرة نوه المستشار القانوني للمركز الدكتور محمد عبيد الذي أدار المحاضرة بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في نشر اللغة العربية لغة وثقافة وأهمية الحفاظ عليها .. كما أشاد بالمحاضر وجهوده من اجل لغة العرب ونشرها .. مؤكدا أن المركز يعمل على تبني حماية اللغة العربية مما يعيد لها مكانتها.

جدير بالذكر أن الدكتور الخضر محمد باحث أكاديمي وأستاذ جامعي ومحلل سياسي وإعلامي نيجيري حصل على دكتوراه الفلسفة في الإعلام الدولي مع مرتبة الشرف الأولى ودرجة الماجستير في الإعلام الدولي. كما شغل عدة مناصب بحثية واعلامية وقد حصل على عدد من الجوائز منها جائزة خدمة اللغة العربية وقضاياها من جمعية لسان العرب لرعاية اللغة العربية من جامعة الدول العربية عام 2006.

المصدر: وكالة أنباء الإمارات، 8 يوليو 2009.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015