ـ يمكن للجملة العربية أن تأخذ أساليب بلاغية مختلفة علي وفق الحاجة، ونقصد بالأساليب البلاغية هنا: أساليب التمني والأمر والنهي والإستفهام والنداء .. الخ، ويمكن للجملة العربية أن يكون فيها: فصل ووصل، وتقديم وتأخير، وتمثيل، وقلب، وقصر، وإيجاز، وإطناب، ومساواة.
ـ يجري تقسيم الحروف العربية إلي قسمين هما:
1.الصوائت: وهي الحركات الإعرابية وأحرف المد الثلاثة (الألف والواو والياء)، ولا يعترض الهواء في نطق الصوائت حبس أو تضييق.
2.الصوامت: وتشمل جميع الحروف عدا الصوائت، ولا يعترض الهواء في نطق الصوامت حبس أو تضييق.
في الخصائص الصوتية للغة العربية
تمتلك اللغة العربية مدرَّجا صوتيا يتَّصف بالسَّعة والشُّموليَّة، وذلك بفضل امتداد مخارج حروفها علي حزمة صوتية عريضة تمتاز بالتنوُّع والتدرُّج، تبدأ بأقصي الحلق وتنتهي بالشفتين، وقد وجد علماء اللغة العربية أن عدد مخارج الحروف العربية يبلغ (16) مخرجا، ابتداءً بالهمزة والهاء والألف التي تخرج من أقصي الحلق وانتهاءً بالنون الخفيَّة أو الخفيفة التي تخرج من الخياشيم.
ولو انتقلنا من أجل تناول صفات الحروف العربية، لوجدنا أن تلك الحروف لا تأخذ صفة واحدة بل تتعدَّد صفاتها وتتنوَّع، ولو فصَّلنا القول في تلك الصفات لوجدنا أنها تنقسم إلي قسمين، أما القسم الأول فيشمل الصفات المتضادَّة، وأما القسم الثاني فيشمل الحروف ذوات الصفة المفردة التي لا ضدَّ لها، أما الصفات المتضادَّة فهي: الجهر والهمس، الشدَّة والرخاوة، الإطباق والإنفتاح، الإستعلاء والإستفال، والذلاقة والإصمات، أما القسم الثاني فيشمل: حروف القلقلة والصفير والتفشّي والإنجراف والغُنَّة والتكرار والخفاء.
وهذا التنوُّع والإختلاف في صفات الحروف ومخارجها دفع العرب إلي مراعاة ذلك عند اجتماع الحروف في كلمة واحدة، وفرضوا علي اجتماع الحروف في كلمة واحدة أن يؤدي إلي الإنسجام الصوتي والتآلف النغمي بين تلك الحروف، وان يكون توزيع الحروف وترتيبها بطريقة تأخذ بنظر الإعتبار صفات تلك الحروف ومخارجها بما يجعلها منسجمة ومتوازنة لا متنافرة ومتعارضة.
وتمتاز اللغة العربية بأبنيتها، وهي القوالب التي تهدف إلي تصنيف المعاني وربط المتشابه منها برباط واحد، وتمتاز بانها ذات أوزان موسيقية، وكل بناء من تلك الأبنية له نغمته الموسيقية الخاصة، ومن تلك الأبنية: الفاعلية، المفعولية، المكانية، الزمانية، السببية، الأصوات، الحرفة، التفضيل، المشاركة .. الخ.
ونشير هنا إلي أن تاريخ الدراسات الصوتية في اللغة العربية يرجع إلي الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 275 هـ) الذي وضع الأساس الأول لعلم الأصوات في العربية، وذلك في مقدمة معجمه المعروف (العين)، وقد قدَّم الفراهيدي في تلك المقدمة أول ترتيب صوتي للحروف العربية، راسما الطريقة التي يمكن بها معرفة مخرج الصوت، ونذكر هنا أربعة من الكتب التراثية البارزة في مجال فقه اللغة العربية لأهميتها العالية، وهي: الخصائص لابن جني (ت 392 هـ)، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها لابن فارس (ت 395هـ)، وفقه اللغة وسر العربية لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ)، والمُزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي (ت 911 هـ).
ولا بدَّ ونحن نتحدث عن الخصائص الصوتية للغة العربية من الإشارة إلي أهمية علم التجويد في هذا الجانب، فهو من أهم المصادر في موضوع التراث الصوتي، ولقد ضمَّت مؤلفات علماء القراءت ما هو قيِّم من المباحث الصوتية كما جاءت تلك المؤلفات حافلة بالمصطلحات الصوتية مثل: الإشمام، الإشباع، الإختلاس، المد، التفخيم، الترقيق، وغيرها.
في الترادف
الترادف الذي تتميَّز به اللغة العربية يشي بأنها من أكثر اللغات العالمية سعة، ولقد أفاد الشعراء العرب منذ القدم من هذه الخاصيَّة في كتابة أشعارهم، فالترادف فتح أبواب اختيار الكلمات علي مصاريعها أمامهم، وهكذا لم تشكِّل البحور الشعرية بتفاعيلها التي تستوجب الإلتزام الشديد حاجزا أمام إبداعاتهم، بسبب وفرة المفردات التي تستطيع أن تعبِّر عن الشيء ذاته، فكانت إمكانية اختيار الكلمات التي تنسجم مع التفاعيل وزحافاتها وعللها متاحة أمام الشعراء علي نحو واسع، والشيء نفسه يمكن أن يُقال عن اختيار الكلمات التي تتطلبها القوافي، فإذا كان حرف الروي في قافية القصيدة هو (الفاء) مثلا استخدم الشاعر كلمة (السيف)، وإذا كان (الراء) استخدم كلمة (البتّّار)، أما إذا كان (الميم) فبإمكانه استخدام كلمة (الصارم) أو كلمة (الصمصام) .. وهكذا، ومن طريف ما يُذكر في باب الترادف أن (واصل بن عطاء) كان يلثغ بحرف الراء، وبسبب عمق معرفته باللغة العربية وسعة الثروة المعجمية التي يمتلكها منها كان يقوم بإلقاء خطب طويلة ليس فيها كلها حرف راء واحد، مستفيدا من ظاهرة الترادف في اللغة العربية علي خير ما تكون الإستفادة، وقد ذكر الجاحظ (ت 255 هـ) ما كان يعانيه (واصل بن عطاء) وذلك في كتابه (البيان والتبيين) فقال عنه إنه (رام إسقاط الراء من كلامه وإخراجها من حروف منطقه، فلم يزل يكابد ذلك ويغالبه ويناضله ويساجله ويتأتّي لسَتره والراحة من هُجنته، حتي انتظم له ما حاول واتَّسق له ما أمَّل)، وذكر بيتين قالهما شاعر في (واصل بن عطاء)، والبيتان هما:
ويجعلُ البُرَّ قمحاً في تصرُّفِهِ
وجانبَ الرّاءَ حتي احتالَ للشَّعَرِ
ولم يُطِقْ مطراً والقولُ يُعجلُهُ
فعاذَ بالغيثِ إشفاقاً مِنَ المطَرِ
أي أنه يستخدم كلمة (القمح) بديلا عن كلمة (البُر) وكلمة (الغيث) بديلا عن كلمة (المطر) تجنبا للراء.
العربية ... ألف تحية
تحية بل ألف تحية لك أيتها اللغة العربية، أيتها الطيبة المباركة، سواء أكنت مقروءة أم مسموعة، وسواء أكنت مكتوبة في كتاب أم جريدة أم مجلة أم علي شاشة، وسواء أكنت مطبوعة أم مخطوطة، مباركة أنت فينا وفي العالمين.
جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3601 - التاريخ 24/ 5/2010
¥