ملتقي اهل اللغه (صفحة 5924)

أسلوب غريب في كتابة بعض المُحْدَثين

ـ[تألق]ــــــــ[18 - 02 - 2012, 08:22 م]ـ

أسلوب غريب في كتابة بعض المُحْدَثين

شاعَ في الآوِنة الأخيرة أسلوبٌ غريب في الكتابة عند ناشئةٍ من الذين يعمَلون في الصحافة، ويتطفَّلُون على مائدة الأدَب، ويَمتاز هذا الأسلوب بالغُموض، ورصْف ألفاظ مُتَناقضة، ولوك عددٍ من المُفرَدات الطارئة والمشتقَّة لا معنى لها في سِياق الكلام.

وكنت أظنُّ في بادئ الأمر أنَّني وحيدٌ في هذه الملاحظة، وأنَّ العيب عيبي في قُصور الفهْم، حتى التقيتُ بعددٍ من كبار المختصِّين بالعربية والأدب، وهم أساتذةٌ في أقسام اللغة العربية في عدد من الجامعات العربية، ومُعظَمهم من الذين يكتُبون بأسلوبٍ مُبِين، ويقولون الشعرَ الجزل الرَّصِين، فأجمع رأيهم على مِثل ما قلت في هذا الأسلوب الهجين، فأدرَكتُ حينئذٍ أنَّ هذه الظاهرة حقيقةٌ قائمةٌ، وهي تَسِير بالكتابة الأدبيَّة في طريقٍ منحرف.

وسأضرب مثلاً واحدًا وجدته بين يدي في عدد جريدةٍ من الجرائد دون أنْ أبحث، ولن أزيدَ عليه، وليس يُعجِزني الإتيان بالأمثلة الكثيرة على هذه الكتابة؛ إذ إنَّك لو تناوَلتَ إنتاج واحدٍ من هؤلاء الشباب في الصحف والمجلات ثم اقتَطفتَ منه سطرًا أو سطرين وقفت على المطلوب، ولم أُكثِر من الأمثلة لكيلا تَطُول هذه الخاطرة.

يقول الكاتب الذي لا أسمِّيه:

"يَقتات الليل أضلعه البارزة من خِلال لباس الفنيلة نصف الكم الكاشفة، عيناه فيهما صخب وضجيج هادئ، تمتلئان بفوضى الرؤية والمشاهدة ... الدمية عَرُوسٌ تقطر جمالاً في عينَيْه، وصبية الثامنة عشرة جدول رَقراق يسمع خرير مياهه في الأحلام ... من أرقه ونزفه وصُراخه الصامت في وجه الناس".

راعَنِي تسلُّل هذا الأسلوب الغامض الضبابي المعتم في كتابة نفرٍ من الإسلاميين الذين قفَز بهم إلى سدَّة الكتابة الجدب في الكُتَّاب، فأُتِيح لهم تَسوِيدُ صفحات من مجلات.

إنَّك تحاول أنْ تعرف مَقصُودَهم، فلا تَرجِع من ذلك بطائل.

يَحمِلهم على ذلك الرَّغبة في أنْ يظهروا أفرادًا عندهم عُمق وحَداثة، وما دروا أنهم بذلك يُؤصِّلون اتِّجاهًا لا يَعُود على لُغتهم ودِينهم إلا بالضيم.

إنَّ علينا أنْ نعتزَّ بلغتنا وأمَّتنا وتُراثنا، وإنَّ علينا أنْ ندع استِرضاء المُخطِئين، وأنْ نزيد استِمساكًا بالأصالة والبَيان، وإنَّ علينا أن نُقوِّي أسلوبَ ناشئتنا بأنْ نُزيِّن لهم الإكثارَ من تلاوة كتاب الله، وترديد آياته المعجِزة، ومُطالعة سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتذوُّق بلاغتها الرائعة، وقِراءة الشعر قديمه وحديثه في عُصور الأدب المختلفة، وقِراءة آثار العَمالقة من الكُتَّاب الناثِرين في القديم والحديث.

وممَّا يُتِيح لهذا الأسلوب الغريب السقيم أنْ يسود مجاراته من قِبَل مَن يدَّعون أنهم إسلاميُّون، وعُزوف المُجِيدين من أصحاب الأقلام عن الكتابة في الصُّحف والمجلات.

إنَّني أحسب أنَّ سَيْطرة العقليَّة الأجنبيَّة وتعاظُم الشُّعور بمركب النَّقص عند كثيرٍ من المثقَّفين، والتأثير بالأساليب المستوردة عن طريق الترجمة - أحسب أنَّ ذلك وغيره كان سببًا في قِيام هذا الأسلوب المنكَر.

ألا فلنشعُر بمسؤوليَّتنا، ولنقُلْ كلمة الحق، ولنُشارِك بطاقاتنا في تقويم الانحِراف.

سدَّد الله خُطانا، ووفَّقنا إلى ما فيه سعادتنا في الدُّنيا والآخِرة، والحمد لله ربِّ العالَمين.

http://www.fantasyflash.ru/anime/lines/image/lines10.gif

د. محمد لطفي الصباغ

تاريخ الإضافة13/ 2/1433

رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Literature_Language/0/37366/#relatedContent)

http://www.fantasyflash.ru/anime/lines/image/lines10.gif

ـ[أبو سعد المصري]ــــــــ[18 - 02 - 2012, 08:40 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صدق الأستاذ

فكثير من الكتاب الآن يتعنت ويتكلف ويا ليته يأتي بشيء يَحسُن أن يُوصفَ بالأدب أو الكتابة السليمة السديدة

حتى في الصحف التى يقال عنها أنها إسلامية، ترى فيها من يكتب مقالة يظن أنه قد أتى بما لم يأت به الأوائل من روعة البيان ورصانة الأسلوب ومتانة النظم، وهو في الحقيقة إنما يخبط ويُخلِّط

للأسف قلَّ في هذا الزمان من يمتلك ناصية البيان، والله المستعان

جزاكم الله خيرا على النقل الطيب

ـ[تألق]ــــــــ[18 - 02 - 2012, 11:01 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صدق الأستاذ

فكثير من الكتاب الآن يتعنت ويتكلف ويا ليته يأتي بشيء يَحسُن أن يُوصفَ بالأدب أو الكتابة السليمة السديدة

حتى في الصحف التى يقال عنها أنها إسلامية، ترى فيها من يكتب مقالة يظن أنه قد أتى بما لم يأت به الأوائل من روعة البيان ورصانة الأسلوب ومتانة النظم، وهو في الحقيقة إنما يخبط ويُخلِّط

للأسف قلَّ في هذا الزمان من يمتلك ناصية البيان، والله المستعان

جزاكم الله خيرا على النقل الطيب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نعم

مثل هؤلاء لابد من الأخذ على أيدهم وأسميهم مبتدعة اللغة وأهل الأهواء فيها، مثل المبتدعة وأهل الأهواء في العقائد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015