ـ[محمد محمد مقران]ــــــــ[13 - 06 - 2014, 06:29 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
سلام عليكم أهل اللغة الأكارم، أسأل الله لكم التوفيق والسداد فيما تعملون عليه من إحياء مجد هذه اللغة الشريفة وإنهاضها من كبوتها.
ثم تحية خاصة للأخ صالح العمري، فقد طالما استمعتُ إلى قراءته لديوان الحماسة فأفدت من ذلك الكثير.
كان من خبر هذه المقطّعات أني وصديقا لي من الأدباء قعدنا ذات مساء نتحدّث، فأخبرت صاحبي أني أنظم قصيدة أذكر فيها أمرا جرى بيني وبينه، وأن هذه القصيدة من بحر المنسرح على روي الفاء، ثم تذاكرنا بعض القصائد التي على هذا الرويّ، فلم يَمضِ يوم حتى رنّ هاتفي النقّال، ونظرتُ فإذا رسالة من صاحبي هذه صورتها:
مولود الكتبي:
1 - كلّفتَني مِ "البحور" أصعبَها ... أشفيتُ مِن هوله على التلَفِ
2 - لا تَطمَعَنْ أن تَرى به سمَكا ... يَسعَى ولا دُرّا ساكنَ الصَدَفِ
3 - إن لم أقُم بالذي أشَرتَ به ... فصِح "أيا عَيرُ قُم إلى العلفِ"!
4 - لكنني خائضٌ غواربَه ... معتسِفا فيه كلّ معتسَفِ
5 - فسرّحِ الطَرفَ في محبّرة ... وارتعِ منها في روضة أُنُفِ
6 - أيَّ بحور القريض تسألني ... نظما عليه فهاكه اغترِفِ
7 - أنا الذي رُضتُ كل قافية ... رياضةَ الزير ربّة الشنَفِ
8 - ومَن درى ما نقول شبّهَنا ... في العلم بالأصمعيّ أوخَلَفِ!
واسم هذا الصديق مولود، وهو يشتغل ببيع الكتب بأحد شوارع الجزائر العاصمة، وله اطلاع واسع على الأدب العربي ويقول الشعر منذ زمن، وإن كان لم يتيسر له أن ينشر شيئا منه.
وكنت قد أخذتُ على صاحبي قوله في البيت الأول:
.......................... أشفيتُ من هوله على "التلف"
بتعريف "التلف"، ورأيتُ أن التنكير هاهنا أجود وأبلغ.
كما أخذتُ عليه قوله البيت الخامس:
......................... نظما عليه "فهاكه" اغترف
ورأيت أنه لو قال:
............. فهاك فاغترِف
لكان أخفّ وأرشق.
فكتبتُ إليه:
محمد مقران:
1 - خذها وخيرُ الحديث أَصدَقُه ... نقدَ أديب في غير ما جنَفِ
2 - لو قلتَ لما أنشدتَ مفتتِحا: ... أشفيتُ من هوله على "تلَفِ"
3 - أو قلت لما أنشدتَ مفتخِرا: ... نظما عليه "فهاك فاغترِفِ"
4 - لا تحسَبنّ القريض يُعجزنا ... فلَهْو يأوي منّا إلى كَنَفِ
5 - نُبصِر مدخولَه وبعضُهمُ ... كالعَيرِ مهما تَعلِفْه يَعتَلِفِ
.
ـ[محمد محمد مقران]ــــــــ[14 - 06 - 2014, 01:07 م]ـ
وقد كنت وجهت إلى صاحبي -قبل أن أجيبه على الأبيات الفائية- بهذه الرسالة كالعلامة على استعار الحرب بيني وبينه:
محمد مقران:
شعُرتَ بعدنا أبا إبراهيمْ (1)
لا تحسبَنّ المرءَ يَرضى بالهونْ (2)
لتَعلَمَنّ حينَ شَدِّ الحيزومْ
أيُّ الكميّينِ الشجاعُ المعلومْ
غداً ومن منّا الضعيفُ المهزومْ
(1) وذلك أن ابن صاحبي البِكرَ -متّعه الله به- اسمُه إبراهيم.
(2) هذا جائز عند العرب لا سيما في الرجز، وهو في هذا المكان حسن مقبول كما ترى.
وردّ هو عليّ برسالة هذه صورتها:
مولود الكتبي:
هل مِن سلوّ للفؤاد المكلومْ
عن ذِكرِ خَودٍ ذاتِ كَشح مهضومْ
ليلى وليلى حُرَقٌ في الحَيزومْ
وبيننا ما غال جيري مِن طومْ
والله لولا صورٌ في الألبومْ
لعشتُ باقي العُمر في مِثل المومْ
دع ذكرَ عَصرٍ مِثلَ وشيٍ مرقومْ
فذاك في الشيبِ قبيحٌ مذمومْ
قد جاءني وعيدُ قِرنٍ محمومْ
إني أحامي عن ذماري المهضومْ
بصارم عضبٍ حسام مسمومْ
.
ـ[محمد محمد مقران]ــــــــ[14 - 06 - 2014, 01:08 م]ـ
شكرا لمرورك أيتها الفاضلة.
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[14 - 06 - 2014, 01:49 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياك الله، ومرحبا بك ضيفًا مُكرما في ملتقى أهل اللغة، وإنا لنسر بانضمام الأدباء أمثالكم، ووجودكم في الملتقى ربح لنا وللملتقى.
وقد أحسنت وأحسن صاحبك، وكلاكما مجوِّد.
وأما الإكفاء فلو تركته لكان أحسن، وفي حروف الهجاء مندوحة لك عنه.
وأما الحماسة فقد سجلتها قديما وفيها أخطاء غير كثيرة أحسب أنها لا تخفى على مثلكم، وأنكم قد وقفتم عليها، وإني لأفكر في تسجيلها مرة ثانية، وتسجيلُ المفضليات أجود منها وأقل أخطاء، وقد أسجل بعض المختارات الشعرية الأخرى إن يسر الله لي.
ـ[محمد محمد مقران]ــــــــ[14 - 06 - 2014, 11:35 م]ـ
حياك الله أبا حيان،
سررت كل السرور بمروركم، والربح كل الربح لي.
أما تسجيل الشعر صوتيا فمن أعظم الأعمال لمن قدر عليه، ويشترط فيه أن يحسن المنشد الترنّم بالشعر، ويعطيه حقه من جهة مخارج الحروف، والنحو، والتصريف، والإيقاع.
وعندي أن الاستماع لمثل هذه التسجيلات مع الحرص على تفهم معانيها هو أنجع الوسائل إلى اكتساب ملكة النظم، وهذه هي بعينها طريقة العرب الأوائل يوم لم يكن لهم كتاب موضوع ولا ديوان مجموع، وإن تسجيلكم لديوان الحماسة =على ما فيه من هنات يسيرة (وأهمها في نظري بعض الاختلال في الإيقاع في المقطوعات التي على بحر المنسرح وبحر المديد) =لهو من أعظم هذه الأعمال، إن لم يكن أعظمها على الإطلاق.
¥